الأحد، 2 أغسطس 2015

الدرس الثاني عشر ( 110-115)

﷽ 
الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه .. وبعد

نصاب اليوم : 110-115

انتهينا بفضل الله تعالى من المقطع الأول والثاني والثالث والرابع من سورة آل عمران ، 
💢وبدأنا بالموضوع الخامس من سورة آل عمران  : بيان خيرية هذه الأمة ،وتحذيرها من الوقوع في أخطاء الأمم السابقة ،وتحذيرها من أعداءها (100: 120) 

وذكرنا ان هذا المقطع ينقسم إلى ثلاث مواضيع :

🔹الموضوع الأول : التحذير من الوقوع في أخطاء السابقين ( ١٠٠: ١٠٩) 

🔹الموضوع الثاني : خيرية هذه الأمة وفضلها على سائر الأمم ( ١١٠: ١١٥) 

🔹الموضوع الثالث : تحذير الأمة من المنافقين خصوصا ( ١١٦: ١٢٠)

تناولنا في الدرس الأخير الموضوع الأول واليوم بإذن الله نتناول الموضوع الثاني ⤵️⤵️
💢الموضوع الثاني : خيرية هذه الأمة وفضلها على سائر الأمم( ١١٠: ١١٥)

♦️(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) [سورة آل عمران : 110]

⭕️يُذكر الله تعالى الأمة بواجبها بعد أن اختارها لتحمل الرسالة ،مقيداً هذه الخيرية بالأمر بالمعروف الذي دل عليه الشرع وحسَّنه العقل، والنهي عن المنكر الذي نهى عنه الشرع وقبَّحه العقل، والإيمان بالله إيمانًا جازمًا يصدقه العمل 

⭕️وخيرية هذه الأمة تقتضي أن يصل خيرها إلى غيرها 

🔺فلماذا قدم الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله ؟؟ 

⭕️هذا إشارة لإرتباط الأمرين بالإيمان وانتشاره ،وإشارة إلى تقصير أهل الكتاب في ذلك كما أخبر النبي صل الله عليه وسلم في قوله ( إنما أهلك الذين من قبلك إنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ،وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ) أخرجه البخاري 

⭕️فائدة : من اتصف بهذه الصفات من هذه الأمة دخل معهم في الخيرية والثناء والمدح ،ومن لم يتصف بهذا تشبه بأهل الكتاب الذين ذمهم الله تعالى 


♦️(لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ) [سورة آل عمران : 111]

⭕️ إن انتقال السيادة والريادة من أمة إلى أخرى سيؤدي إلى عداوة هذه الأمة ،فقال تعالى مطمئنا للمسلمين ،ومبشرا لهم بالنصر عليهم ( لن يضروكم إلا أذى ) أي يسمعوكم فقط ما تكرهون ( وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون ) 

 ⭕️ فائدة : فإذا وفت الأمة بوعدها لربها وقامت بما اشترطه عليها من الإيمان به والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم التفرق والإختلاف فإنهم سينتصرون على أعدائهم ،كما قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا  إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) محمد ٧

♦️(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) [سورة آل عمران : 112]

⭕️ثم ذكر تعالى أنه بسبب كفرهم وفسقهم وقتلهم واعتدائهم غضب الله عليهم ولعنهم ،ونقل الرسالة منهم ،وابتلاهم بالذلة والمسكنة فلا يستقرون ولا يطمئنون ( إلا بحبل ) أي: عهد ( من الله وحبل من الناس ) فلا يكون اليهود إلا تحت أحكام المسلمين وعهدهم، تؤخذ منهم الجزية ويستذلون، أو تحت أحكام النصارى ومع ذلك فقد ( وباءوا بغضب من الله) بسبب أفعالهم ( وضربت عليهم المسكنة) والسبب في ذلك (  أنهم كانوا يكفرون بآيات الله و يقتلون الأنبياء بغير حق ) وحملهم على ذلك كثرة معاصيهم واعتدائهم على حرمات الله تعالى 

♦️(لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) [سورة آل عمران : 113
ليس أهل الـكـتـاب مـتـسـاويـن في حالهم، بل منهم طائفة مستقيمة على دين الله، قائمة بأمر الله ونهيه، يقرؤون آيات الله في ساعات الليل وهـم يُصَلُّون لله، كـانـت هـذه الـفـئـة قبل بعثة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، ومن أدرك منهم هذه البعثة أسلم.


♦️(يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) [سورة آل عمران : 114]


⭕️ومن صفاتهم ايضا ،أنهم يؤمنون بالله واليوم الآخر ويآمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ،ويسارعون في فعل الخيرات 

♦️(وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) [سورة آل عمران : 115]


⭕️ وأنهم مهما فعلوا { من خير } قليلا كان أو كثيرا { فلن يكفروه } أي: لن يحرموه ويفوتوا أجره، بل يثيبهم الله على ذلك أكمل ثواب، ولكن الأعمال ثوابها تبع لما يقوم بقلب صاحبها من الإيمان والتقوى، فلهذا قال { والله عليم بالمتقين } 

✨إضاءات✨

1. تذكر أن خيرية هذه الأمة المسلمة أتت من الإيمان بالله، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر،(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).

2. وعد الله- تعالى- لأمة الإسلام -ما تمسكت به- بالنصر على اليهود في أي قتال بينهم، (لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ).
 

قراءة لتفسير سورة ال عمران من تفسير السعدي 
بصوت الشيخ محمد بن علي العرفج من الآية 106-115

🍃🍃🍃🍃🍃🍃
✨  لمسات بيانية ✨

↙️آية 111
ما الفرق بين الضرر والأذى؟(الشيخ  خالد الجندي)


⚪️قال تعالى في سورة آل عمران (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)) 
والكلام في الآية موجه للمؤمنين عن الفاسقين الذين كفروا برسول الله ﷺ  مع علمهم بصدقه وصدق رسالته ونبوته . 
⚪️الأذى هو نوع من أنواع الضرر 
⚪️والضرر نوعان ⚡️ضرر قاصر ⚡️وضرر متعدّي فلو شرب أحدهم خمراً يكون قد أضر نفسه فهذا ضرر قاصر اقتصر على الشخص نفسه أما أن يدخّن الانسان بين الناس فهذا ضرر متعدي للغير وهو ضِرار كما جاء في الحديث الشريف "لا ضرر ولا ضِرار"

⚪️ينقسم الضرر من حيث التأثير إلى قسمين ضرر قاصر وضرر متعدي ومن حيث مفعوله ينقسم إلى قسمين أيضاً ⚡️ضرر مؤقت ⚡️وضرر بائن والضرر المؤقت هو الذي يستمر لفترة زمنية بسيطة أما الضرر البائن فهو الذي يستمر مفعوله لوقت طويل.
⚪️ والضرر المؤقت هو ما يسمى إيذاء أو أذى أما الضرر البائن فهو الضرر الحقيقي المقصود في اللغة. فلو كان الإيلام مؤقتاً يسمى إيذاء وإن كان دائماً يسمى ضرراً لأنه يدوم وقتاً أطول.

⚪️وقد استعمل القرآن الكريم كلمة أذى استعمالاً دقيقاً 
🔻فقال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59) الاحزاب) ⚡️النظرة تؤذي لأنها مؤقتة غير دائمة. ، 
🔻وقال تعالى في سورة الأحزاب أيضاً (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)) فمجرد أذى الرسول ﷺ  يستوجب لعنة الله تعالى في الدنيا والآخرة ولهم عذاب مهين جزاء إيذائهم للرسول ﷺ  . 
🔻وقال تعالى في سورة البقرة (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)
🔻 (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222))
🔻 (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)) وفي سورة النساء (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102))
🔻 وفي آية سورة آل عمران (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)) فالآية تدل على أن ما يسمعه المؤمنون من الفاسقين هو ليس إلا أذى كلامياً فقط وليس ضرراً لأنهم مؤمنون متمسكون بإيمانهم والخطاب في الآية هو للمؤمنين أما غير المؤمنين فلن يكون ضرر الفاسقين أذى بالنسبة لهم.

↙️آية 114
وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ (114) آل عمران)
⚪️ المسارعة في الخير الرغبة في الاستكثار منه والمبادرة إليه. وفيه إستعارة لطيفة تُدرّك بالتأمل والتدبر.
 فحرف (في) هنا استعارة تخيلية تؤذن بتشبيه الخيرات بطريق يسير فيه السائرون أما إذا قلت يسارعون إلى الخيرات فالمرء لم يبلغ بعدُ الخيرات بل يسعى لبلوغها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق