الأربعاء، 12 أغسطس 2015

الدرس السابع عشر ( 149-158)

الدرس السابع عشر (149-158)
﷽ 
الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه .. وبعد

⚡️نصاب اليوم : 149-⚡️158


🔴المقطع السابع : دروس مستفادة من الهزيمة ( ١٤٩: ١٨٩) 

🔹الدرس الأول : التحذير من طاعة الأعداء ،ومن التنازع والتخذيل ( ١٤٩: ١٥٨) 

🔹الدرس الثاني : أهمية الشورى ،ووجوب طاعة رسول الرحمة ( ١٥٩: ١٦٤) 

🔹الدرس الثالث : أسباب الهزيمة ،وفوائدها ،والفرق بين الخبيث والطيب ( ١٦٥: ١٧٩) 

🔹الدرس الرابع : تحذير المنافقين والبخلاء ،وأن المال من أسباب النصر ( ١٨٠: ١٨٩)

نبدأ اليوم ان شاء الله بالدرس الأول :
⚡️الدرس الأول : التحذير من طاعة الأعداء ،ومن التنازع والتخذيل (١٤٩: ١٥٨) 


♦️(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) [سورة آل عمران : 149]

⭕️بدأت الآيات بتحذير المسلمين من طاعة الكافرين : 
 إن تطيعوا الذين كفروا من اليهود والنصارى والمشركين، فيما يأمرونكم به من الضلال، يُرْجِعُوكم بعد إيمانكم إلى ما كنتم عليه كفارًا، فترجعوا خاسرين في الدنيا والآخرة.


♦️(بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) [سورة آل عمران : 150]

⭕️ثم أمرت الآيات بطاعة الله تعالى وموالاته ، فهؤلاء الكافرون لن ينصروكم إذا أطعتموهم، بل الله هو ناصركم على أعدائكم، فأطيعوه، وهو سبحانه خير الناصرين، فلا تحتاجون لأحد بعده.

♦️(سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ۖ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۚ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) [سورة آل عمران : 151]

⭕️ثم بشرهم الله تعالى بالحفظ والنصر بقوله ( سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب ) والخوف  الشديد ، حتى لا يستطيعوا الثبات لقتالكم .
⭕️ النصر بالرعب مما اختص الله تعالى به نبيه صل الله عليه وسلم ،( نُصرت بالرعب مسيرة شهر ) أخرجه البخاري 

⭕️وإلقاء الرعب فيهم كان بسبب إشراكهم ( بالله ما لم ينزل به سلطانا ) وهي عبادتهم للأصنام ،ومرجعهم ومأواهم النار ،وبئس مقام الظالمين 

♦️(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ ۚ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [سورة آل عمران : 152]

⭕️ولقد صدقكم الله يا أصحاب محمد صل الله عليه وسلم وعده الذي وعدكم إياه يوم أحد ،أي النصر، فنصركم عليهم،حتى إذا ضعفتم عن الثبات على ما أمركم به الرسول،⚡️ { وتنازعتم في الأمر } الذي فيه ترك أمر الله بالائتلاف وعدم الاختلاف، فاختلفتم، فمن قال نقيم في مركزنا الذي جعلنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قال: ما مقامنا فيه وقد انهزم العدو، فعصيتم الرسول، وتركتم أمره من بعد ما أراكم الله ما تحبون وهو انخذال أعدائكم؛. فالواجب امتثال أمر الله ورسوله. 

⭕️{ منكم من يريد الدنيا } وهم الذين جعلهم يفعلون ذلك ،والمقصود الرماة الذين تركوا أماكنهم من أجل الغنيمة 

⭕️{ ومنكم من يريد الآخرة } وهم الذين لزموا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبتوا حيث أمروا.

⭕️{ ثم صرفكم عنهم } أي: بعدما وجدت هذه الأمور منكم، صرف الله وجوهكم عنهم، فصار الوجه لعدوكم، ابتلاء من الله لكم ليختبركم، وليتبين المؤمن من الكافر، والطائع من العاصي، وليكفر الله عنكم بهذه المصيبة ما صدر منكم، فلهذا قال: { ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين } أي: ذو فضل عظيم عليهم، حيث: 

⚡️ منَّ عليهم بالإسلام
⚡️وهداهم لشرائعه
⚡️وعفا عنهم سيئاتهم
وأثابهم على مصيباتهم. 

⭕️ومن فضله على المؤمنين: 

 ⚡️أنه لا يقدر عليهم خيرا ولا مصيبة، إلا كان خيرا لهم. إن أصابتهم سراء فشكروا جازاهم جزاء الشاكرين، وإن أصابتهم ضراء فصبروا، جازاهم جزاء الصابرين.


♦️(إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [سورة آل عمران : 153]

⭕️وتواصل الآيات الإمتنان على المسلمين بالعفو رغم عظم الذنب ،والمعنى ولقد عفا الله تعالى عنكم آيها المؤمنون إذ لم يستأصلكم بسبب ذنوبكم وهربكم 

⭕️الإصعاد : هو السير والذهاب في الأرض ،والمراد هربهم في الوادي 

⭕️ولا تلوون : لا تعطفون ولا تنتظرون لأحد

⭕️والرسول يناديكم من خلفكم قائلا( إليّ عباد الله ارجعوا ) 

⭕️وقوله أخراكم تنبيه إلى ثبات رسول الله صل الله عليه وسلم حيث كان في آخر الجيش ،وأقرب شئ إلى العدو 

( فأثابكم ) وجازاكم ( غما ) وهو ما قيل أن رسول الله صل الله عليه وسلم قد قُتل ( بغم) وهو ما نالهم من القتل والجراح وما فاتهم من النصر والغنيمة،حتى ينسيهم الغم الجديد وهو مقتل نبيهم صل الله عليه وسلم ،الغم الأول ،
ثم بعد أن يتبين كذب الغم الجديد وعدم صدق الشائعة يفرحوا بذلك ،ولهذا قال بعده ( لكيلا تحزنوا على ما فاتكم  ) من نصر وغنيمة ،( ولا ما أصابكم ) من قتل وقرح

♦️(ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِنْكُمْ ۖ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ۖ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ ۗ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ۗ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ ۖ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا ۗ قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ۖ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [سورة آل عمران : 154]

⭕️ثم أنزل عليكم بعد الألم والضيق طمأنينة وثقة جاءت على شكل نعاس يؤدي إلى الراحة والإسترخاء ، ، يغشى طائفة منكم ـ وهم الواثقون بوعد الله ـ .

⭕️ وطائفة أخرى لم ينلهم أمن ولا نعاس، وهم المنافقون الذين لا هَمَّ لهم إلا سلامة أنفسهم، فهم في قلق وخوف، يظنون بالله ظن السوء، من أن الله لا ينصر رسوله ولا يؤيد عباده، كظن أهل الجاهلية الذين لم يَقْدروا الله حق قدره، 

⭕️يقول هؤلاء المنافقون لجهلهم بالله: ليس لنا من رأيٍ في أمر الخروج إلى القتال، ولو كان لنا ما خرجنا، قل ـ أيها النبي ـ مجيبًا هؤلاء: إن الأمر كله لله، فهو الذي يُقدِّر ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهو من قدَّر خروجكم. 

⭕️وهؤلاء المنافقون يخفون في أنفسهم من الشك وظن السوء ما لا يظهرون لك، حيث يقولون: لو كان لنا في الخروج رأي ما قُتِلنا في هذا المكان، قل ـ أيها النبي ـ ردًا عليهم: لو كنتم في بيوتكم بعيدين عن مواطن القتل والموت؛ لخرج من كَتبَ الله عليه القتل منكم إلى حيث يكون قَتْلهم . 

⭕️وما كتب الله ذلك إلا{ وليبتلي الله ما في صدوركم } أي: يختبر ما فيها من نفاق وإيمان وضعف إيمان، { وليمحص ما في قلوبكم } من وساوس الشيطان، وما تأثر عنها من الصفات غير الحميدة. { والله عليم بذات الصدور } أي: بما فيها وما أكنته، فاقتضى علمه وحكمته أن قدر من الأسباب، ما به تظهر مخبآت الصدور وسرائر الأمور.

♦️(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ۖ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) [سورة آل عمران : 155]

⭕️إن الذين تولوا عن القتال منكم يوم أحد والتفاف العدو عليكم ،إنما دعاهم الشيطان إلى الخطيئة والزلل بسبب   ذنوبهم ،عفا الله عنهم وغفر لهم ،فهو تعالى يغفر للمؤمنين ،ولا يعاجل العقوبة للعاصين 

♦️(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [سورة آل عمران : 156]

⭕️ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يشابهوا الكافرين،  ينهاهم عن مشابهتهم في كل شيء، وفي هذا الأمر الخاص وهو أنهم يقولون لإخوانهم في الدين أو في النسب: { إذا ضربوا في الأرض } أي: سافروا للتجارة { أو كانوا غزى } أي: غزاة، ثم جرى عليهم قتل أو موت، يعارضون القدر ويقولون: { لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا } وهذا كذب منهم، فقد قال تعالى:⚡⚡⚡ { قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم } ولكن هذا التكذيب لم يفدهم، إلا أن الله يجعل هذا القول، وهذه العقيدة حسرة في قلوبهم، فتزداد مصيبتهم

⭕️وأما المؤمنون بالله فإنهم يعلمون أن ذلك بقدر الله، فيؤمنون ويسلمون، فيهدي الله قلوبهم ويثبتها،  قال الله ردا عليهم: { والله يحيي ويميت } أي: هو المنفرد بذلك، فلا يغني حذر عن قدر. { والله بما تعملون بصير } فيجازيكم بأعمالكم وتكذيبكم.

♦️(وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [سورة آل عمران : 157]

⭕️ثم أخبر تعالى أن القتل في سبيله أو الموت فيه، ليس فيه نقص ولا محذور، وإنما هو مما ينبغي أن يتنافس فيه المتنافسون، لأنه سبب مفض وموصل إلى مغفرة الله ورحمته، وذلك خير مما يجمع أهل الدنيا من دنياهم، وأن الخلق أيضا إذا ماتوا أو قتلوا بأي حالة كانت، فإنما مرجعهم إلى الله، ومآلهم إليه، فيجازي كلا بعمله، فأين الفرار إلا إلى الله.

♦️(وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ) [سورة آل عمران : 158]

⭕️المقصود : استعدوا لما بعد الموت أو القتل ،واعملوا ما يستجلب رضا الله تعالى ورحمته
▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️

⚡️  لمسات بيانية ⚡️

↙️آية 151
ما دلالة الإلقاء فى قوله تعالى (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ (151) آل عمران)؟(ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️حقيقة الإلقاء هو رمي الشيء على الأرض كقوله تعالى (فألقوا حبالهم وعصيّهم). فهو هنا إذن مجاز على طريقة الإستعارة فالإلقاء مؤذِن بتمكّن الرعب من قلوبهم.
ش
↙️آية151
في سورة  آل عمران (ومأواكم النار وبئس مثوى الظالمين) ما هو المثوى؟ولماذا لم ترد كلمة مثوى في حال أهل الجنة أبداً؟ (د.حسام النعيمى)


⚪️المثوى في اللغة المنزل أو المكان الذي يثوي فيه الإنسان. والثواء هو الإنحسار في مكان ويكون عادة الإنسان فيه قليل الحركة مثل المسكن، المنزل، الحجرة التي يبيت فيها،الثواء هو التوى يعني الإستقرار في مكان واحد وإن كان فيه حركة فهو حركة ضيّقة. ⚪️والمأوى استعمل في النار وفي الجنة فالجنة تضم صاحبها والنار تضم صاحبها لكن شتان بين الضمتين، بين إحتضان الجنة للإنسان وإحتضان النار للإنسان. فكلمة الثوى والثواء استعملت في حال الدنيا لأنه منزل يثوي إليه أو يأوي إليه لذلك نجدها في أكثر من سورة في حال الدنيا. 
⚪️في الآخرة إستعمل اللفظة للنار لماذا؟ لأن الجنة ليست منطقة ضيقة محصورة إنا نتبوأ من الجنة حيث نشاء، فيها السعة والإنطلاق. لاحظ مثلاً: (أكرمي مثواه) أي نُزُله في الدنيا.

↙️آية 152
وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ (152) آل عمران)
⚪️انظر إلى دقة النظم القرآني بترتيب الأفعال الدالّة على الحدث: الفشل، التنازع والعصيان. فقد رتبها على حسب ترتيبها في الحصول وهو ضجر بعض الرُماة من ملازمة مواقعهم ثم التنازع في ملازمة الموقف وفي اللحاق بالجيش في الغنيمة. ونشأ عن التنازع تصميم معظمهم على مفارقة الموقع وفيه عصيان لأمر النبي ﷺ  بالملازمة.


↙️آية 152
*(وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ (152) آل عمران) لقد كان عصيان الصحابة في معركة أُحُد مخالفة لأمر النبي وسميت هذه المخالفة عصياناً مع أن تلك المخالفة كانت عن اجتهاد لا عن استخفاف والعصيان من الاستخفاف فلِمَ عبّر الله تعالى عن مخالفتهم بالعصيان ولم يقل وخالفتم؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️سُميت عصياناً لأن المقام ليس مقام اجتهاد فإن شأن الحرب الطاعة المطلقة للقائد من دون تأويل لذلك جاءت بصيغة العصيان زيادة عليهم في التقريع.

↙️آية 154
ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ (154) آل عمران)

 ⚪️الأمنة من الأمن والنعاس أول النوم وكان مقتضى الظاهر أن يقدّم النعاس ويؤخر الأمنة 
⚪️لأن (أمنة) بمنزلة النتيجة والغاية للنعاس تماماً كما جاء في آية الأنفال (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه) 
⚪️ولكنه قدّم الأمنة هنا تشريفاً لشأنها حيث جُعِلت كالمنزَّل من الله تعالى لنصرهم ولأن الأمن فيه سكينة واطمئنان للنفس أكثر من النعاس. فالنعاس يُخشى منه أن يكون نوماً ثقيلاً وعندها يؤخَذون على حين غرّة.


↙️154
*لِمَ قال عن الطائفة الأولة (منكم) ولم يقيّد الثانية بهذا الوصف فقال تعالى (يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم) ولم يقل طائفة منكم وطائفة منكم قد أهمتهم أنفسهم؟(ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️انظر إلى ما يفيده الوصف (منكم) في كِلا الطائفتين: فعبّر عن الأولى التي يغشاها النعاس بقوله (طائفة منكم) أما الثانية فهي فئة منافقة لذلك ترك الله تعالى وصفها بـ (منكم) لأنه ليست من المؤمنين الذين أمّنهم الله تعالى بالنعاس.


↙️آية 155
*(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ (155) آل عمران) إستزلال الشيطان إياهم هو الهزيمة واستزلهم بمعنى أزلّهم فما فائدة السين والتاء؟(ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️إعلم أن زلة الهزيمة هي من أعظم الزلاّت لذلك جاءت على صيغة إستزل لتأكيد وتفظيع هذا الفعل.
⚪️لما نأتي إلى آيتي سورة آل عمران يلفت نظرنا فيها شيء وهي قول الله سبحانه وتعالى (وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ (158)) 
- نلاحظ في الأولى قدّم القتل وفي الثانية قدّم الموت. قد يقول قائل أن هذا لغرض التلوين والتنويع في الأسلوب وهذا طبيعي حتى لا يصير نفس الرتابة. 
⚪️لكن هناك شيء آخر وهو: لما تكلم عن سبيل الله يعني الشهادة قدّمها على الموت الإعتيادي لأن الشهادة مقدمة لأن للشهداء منزلة. لكن لما يتكلم عن الموت والقتل الإعتيادي الإنسان يموت موتاً اعتيادياً، قد يُقتَل خطأ، قد يُقتل بثأر، قد يقتل في الجهاد، قد تقتله أفعى، فقدّم الشيء الطبيعي، قدّم الأكثر الذي هو الموت، هذه لفتة بيانية أردنا أن نبينها.

▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️
⚡️إضاءات ⚡️
1. الشرك بالله هو سبب للعيش الضنك، والخوف،(سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا).

2. لا تأمن على نفسك الفتنة، ووقوع المعصية، فقد قال الله- تعالى- عن الصحابة،( مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ).

3. بين الله- تعالى- أنه عفا عن الصحابة، فليمت بالغيظ شانئهم، فإن الله قد أحبهم، ورضي عنهم،(وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ).

4. إكرام الله- تعالى- لأوليائه بالأمان الذي أنزله في قلوبهم،(ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً).

5. الذنب يولد الذنب، والسيئة تتولد عنها سيئة أخرى، فلذا وجبت التوبة من الذنب فوراً،(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا).

6. الذنوب في أوقات السراء سببٌ لمزلة القدم وقت الضراء،(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا).  

▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️
💫الرابط الصوتي 💫


قراءة لتفسير سورة ال عمران من تفسير السعدي 
بصوت الشيخ محمد بن علي العرفج من الآية 149-152



قراءة لتفسير سورة ال عمران من تفسير السعدي 
بصوت الشيخ محمد بن علي العرفج من الآية 153-155


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق