الأربعاء، 12 أغسطس 2015

الدرس العشرون (180-189)

الدرس العشرون (180-189)
﷽ 
الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه .. وبعد

🌷نصاب اليوم : 180-🌷189


📕📗الدرس الرابع من المقطع السابع : تحذير المنافقين والبخلاء ،والتحذير من أن المال كان من أسباب الهزيمة ( 180: 189) 

♦️(وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [سورة آل عمران : 180]

⭕️أي: ولا يظن الذين يبخلون، أي: يمنعون ما عندهم مما آتاهم الله من فضله،  وبخلوا به، وأمسكوه، وظنوا أنه خير لهم، بل هو شر لهم، في دينهم ودنياهم، وعاجلهم وآجلهم { سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } أي: يجعل ما بخلوا به طوقا في أعناقهم، يعذبون به كما ورد في الحديث الصحيح:

⚡\"إن البخيل يمثل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع، له زبيبتان، يأخذ بلهزمتيه يقول: أنا مالك، أنا كنزك\" وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداق ذلك، هذه الآية.

 ⭕️فهؤلاء حسبوا أن بخلهم نافعهم، فانقلب عليهم الأمر، وصار من أعظم مضارهم، وسبب عقابهم


⭕️{ ولله ميراث السماوات والأرض } ولله وحده مُلك ما في السماوات والأرض، وهو الحي بعد فناء خلقه كلهم، والله بما تعملون من خير وشر خبير، وسيجازيكم عليه.

♦️(لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) [سورة آل عمران : 181]

⭕️ثم انتقل الحديث من حضيض البخل إلى درك القبح والجهل ،إذ اجترءوا على مقام الجلال ،لقد سمع الله قول اليهود حين قالوا: إن الله فقير حيث طلب منا القرض، ونحن أغنياء بما عندنا من أموال، 
⚡️وكان قولهم هذا بعد نزول قوله تعالى ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ) البقرة ٢٥٤ ،قالت اليهود:  يا محمد افتقر ربك ،يسأل عباده القرض ؟ فنزلت الآية 

⭕️فتوعدهم ربهم : سنكتب في صحائف أعمالهم هذه المقولة الشنيعة، ونكتب عليهم رضاهم بقتل أسلافهم لأنبياء الله عمدًا وعدوانًا، ونقول لهم جميعًا: ذوقوا العذاب المحرق في النار.

♦️(ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [سورة آل عمران : 182]

⭕️ذلك العذاب بسبب ما قدمت أيديكم ـ أيها اليهود ـ من المعاصي والمخازي، وبأن الله ليس يظلم أحدًا من عبيده.

♦️(الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ۗ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [سورة آل عمران : 183]

⭕️وهم الذين قالوا كذبًا وافتراء: إن الله أوصانا في كتبه وعلى ألسنة أنبيائه أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بما يصدق قوله، وذلك بأن يتقرب إلى الله بصدقة تُحْرقُها نار تنزل من السماء، فكذبوا على الله في نسبة الوصية إليه، وفي حصر دلائل صدق الرسل فيما ذكروا، ولهذا أمر الله نبيه محمدًا صلّى الله عليه وسلّم أن يقوله لهم: قد جاءكم رسل من قبلي بالبراهين الواضحة على صدقهم، وبالذي ذكرتم من القُربان الذي تحرقه نار من السماء، فلم كذبتموهم وقتلتموهم إن كنتم صادقين فيما تقولون؟!

♦️(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) [سورة آل عمران : 184]
⭕️ثم سلَّى رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: { فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك } فهي عادة الكافرين، فقد كُذب رسل كثر من قبلك، جاؤوا بالأدلة الواضحة، وبالكتب المشتملة على المواعظ والرقائق، والكتاب الهادي بما فيه من الأحكام والشرائع.

♦️(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [سورة آل عمران : 185]

⭕️كل نفس مهما تكن لا بد أن تذوق الموت، فلا يغتر مخلوق بهذه الدنيا، وفي يوم القيامة تعطون أجور أعمالكم كاملة غير منقوصة، فمن أبعده الله عن النار، وأدخله الجنة؛ فقد نال ما يرجو من الخير، ونجا مما يخاف من الشر، وما الحياة الدنيا إلا متاع زائل، ولا يتعلق بها إلا المخدوع.
⭕️وفي هذه الآية إشارة لطيفة إلى نعيم البرزخ وعذابه، وأن العاملين يجزون فيه بعض الجزاء مما عملوه، ويقدم لهم نموذج مما أسلفوه، يفهم هذا من قوله: { وإنما توفون أجوركم يوم القيامة } أي: توفية الأعمال التامة، إنما يكون يوم القيامة، وأما ما دون ذلك فيكون في البرزخ، بل قد يكون قبل ذلك في الدنيا كقوله تعالى: ⚡⚡{ ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر }

♦️(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [سورة آل عمران : 186]

⭕️يخبر تعالى ويخاطب المؤمنين أنهم سيبتلون في : 
⚡️أموالهم من النفقات الواجبة والمستحبة، ومن التعريض لإتلافها في سبيل الله
⚡️وفي أنفسهم من التكليف بأعباء التكاليف الثقيلة على كثير من الناس، كالجهاد في سبيل الله، والتعرض فيه للتعب والقتل والأسر والجراح، وكالأمراض التي تصيبه في نفسه، أو فيمن يحب
⚡️{ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، ومن الذين أشركوا أذى كثيرا } من الطعن فيكم، وفي دينكم وكتابكم ورسولكم. 

⭕️وفي إخباره لعباده المؤمنين بذلك، عدة فوائد: منها: 
- أن حكمته تعالى تقتضي ذلك، ليتميز المؤمن الصادق من غيره.
- أنه تعالى يقدر عليهم هذه الأمور، لما يريده بهم من الخير ليعلي درجاتهم، ويكفر من سيئاتهم.
-أنه أخبرهم بذلك لتتوطن نفوسهم على وقوع ذلك، والصبر عليه إذا وقع؛ لأنهم قد استعدوا لوقوعه، فيهون عليهم حمله، وتخف عليهم مؤنته، ويلجأون إلى الصبر والتقوى، ولهذا قال: 

⭕️وإن تصبروا على ما يصيبكم من أنواع المصائب والابتلاءات، وتتقوا الله بفعل ما أمر وتَرْك ما نهى، فإن ذلك من الأمور التي تحتاج إلى عزم، ويتنافس فيها المتنافسون.

♦️(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) [سورة آل عمران : 187]

⭕️وفعل هؤلاء ليس بمستغرب ،فقد خانوا الله وكفروا برسله من قبل ( وإذ أخذ الله ميثاق ) العلماء ( الذين أوتوا الكتاب ) من ربهم ( لتبيننه للناس ) ولهذا أُنزل عليكم ( ولا تكتمونه ) فبعد أن أُمروا بالبيان ،أُمروا بعدم الكتمان ،والكتمان جُرم أكبر من عدم البيان ( فنبذوه وراء ظهورهم )  فما كان منهم إلا أن طرحوا العهد، ولم يلتفتوا إليه، فكتموا الحق وأظهروا الباطل، واستبدلوا بعهد الله ثمنًا زهيدًا، كالجاه والمال الذي قد ينالونه، فبئس هذا الثمن الذي يستبدلونه بعهد الله.

♦️(لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة آل عمران : 188]

⭕️لا تظنن ـ يا أيها النبي ـ أن الذين يفرحون بما فعلوا من القبائح، ويحبون أن يمدحهم الناس بما لم يفعلوه من الخير، لا تظنَّنهم بمَنْجاة من العذاب وسلامة، بل محلهم جهنم، ولهم فيها عذاب أليم.

✨وقد ورد في سبب نزول الآيات أنها نزلت في رجال من المنافقين في عهد رسول الله صل الله عليه وسلم كانوا إذا خرج النبي صل الله عليه وسلم إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صل الله عليه وسلم ،فإذا قدم رسول الله صل الله عليه وسلم اعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا ،فنزلت الآية ،أخرجه مسلم 

♦️(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة آل عمران : 189]

⭕️ثم ختم المقطع ببيان تفرد الله تعالى بالملك والأمر في السموات والأرض ،وبمقدرته المطلقة على كل شئ ،وأنه تعالى لا يعجزه شئ ،فيجب أن تهابوه وتخافوه ،وتحذروا نقمته وغضبه
▪️▫️▪️▫️▪️▫️
🎀 لمسات بيانية 🎀

↙️آية181
لماذا استخدم لفظ (ذائقة) في آية سورة آل عمران (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)
 وفي قوله تعالى (وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) آل عمران)؟ لماذا استعمل الذوق مع الموت والعذاب؟(د.حسام النعيمى)


⚪️ عندما يقول (ذائقة الموت) (ذوقوا عذاب الحريق) إشارة إلى شدة الإلتصاق والإتصال بحيث كأن الموت يتحول إلى شيء يكون في الفم بأقرب شيء من الإنسان بحيث يذوقه ويتحسسه يعني الموت ليس خيالاً وإنما يُذاق والعذاب ليس خيالاً وإنما هو سيُذاق ذوقاً. فكما أن الشيء يوضع على اللسان فيحسه هكذا سيكون قُرب الموت من الإنسان والتصاقه به وهكذا سيكون العذاب من القرب والإلتصاق بهذا المعذّب لأنه سيكون في فمه فهذا هو الغاية من هذه الإستعارة.

▪️▫️▪️▫️▪️▫️
✨إضاءات✨
1. إذا قيل الدنيا؛ فإنها تعني مركبك، ومسكنك، وملبسك, ومحاولتك التميز في ذلك عن غيرك هي بداية الغفلة، ثم الغرور والهلاك،(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).

2. ما أعظم حلم الله تعالى، وصبره على أذى عباده،(لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ).

3. اعلم أن أسعد الناس من أتته منيته، وقد زحزحه الله- تعالى- عن النار، وأدخله الجنة، (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ).
 
4. يهلك المجتمع إذا كتم العلماء الحق؛ إرضاء للناس، أو ليحوزوا على مكاسب دنيوية، مالاً، أو جاهاً، أو سلطاناً،(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ).

5. حق على العالم و طالب العلم أن ينشر العلم الذي أخذه بين الناس، ولا يكتمه عن أحد،(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ).

6. إياك أن يتسلل لقلبك حب المدح والثناء، وأعظم منه أن تحب المدح بما لم تفعل، (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق