الأحد، 2 أغسطس 2015

الدرس الثالث عشر (116-120)

﷽ 
الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه .. وبعد

نصاب اليوم : 116- 120

 انتهينا بتوفيق الله من الموضوع الأول والثاني من المقطع الخامس من سورة آل عمران ،واليوم  نأخذ الموضوع الثالث والأخير بإذن الله 

💢المقطع الثالث : تحذير الأمة من المنافقين خصوصا (116: 120)

♦️(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۚ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [سورة آل عمران : 116]

⭕️بعد أن حذر الله تعالى المسلمين من أخطاء أهل الكتاب ،وحذرها من أعداءها من غيرها ،انتقل إلى تحذيرها من أعداءها من الداخل ،وهم المنافقون ،ومهد للدخول في هذا الموضوع ببيان أن الأموال والأولاد لن تنفع الكافرين ولن تنقذهم من عذاب الله تعالى وهم لا يفارقونها وهم فيها خالدون 

♦️(مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَٰذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [سورة آل عمران : 117]

⭕️ثم ضرب الله تعالى مثلا لبطلان أعمالهم وعدم نفعها ،فقال :مثل ما ينفقه هؤلاء الكافرون في وجوه البر، وما ينتظرونه من ثوابها؛ كمثل ريح فيها برد شديد أصابت زَرْعَ قوم ظلموا أنفسهم بالمعاصي وغيرها، فأتلفت زرعهم، وقد رجوا منه خيرًا كثيرًا، فكما أتلفت هذه الريح الزرع فلم يُنتفع به، كذلك الكفر يبطل ثواب أعمالهم التي يرجونها، والله لم يظلمهم ـ تعالى عن ذلك ـ وإنما ظلموا أنفسهم بسبب كفرهم به وتكذيبهم رسله.

♦️(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) [سورة آل عمران : 118]

⭕️ثم انتقل تعالى إلى التحذير من فئة أخرى منهم وهم المنافقون ،فقال لهم : لا تتخذوا أصدقاء وأولياء وأهل سر من غيركم وليسوا على دينكم ،وذلك لعدة أسباب : 
🔹 فهؤلاء لا يَفْتُرون عن إفساد حالكم,فلا يتركون  جهدا في طلب ما يورثكم الخبال والفساد 
🔹وهم يفرحون بما يصيبكم من ضرر ومكروه,ويتمنون لكم الضر والمشقة  في دينكم 
🔹 وقد ظهرت شدة البغض في كلامهم وأفعالهم, وما تخفي صدورهم من العداوة لكم أكبر وأعظم


⭕️قد بيَّنَّا لكم البراهين والحجج, لتتعظوا وتحذروا, إن كنتم تعقلون .

♦️(هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [سورة آل عمران : 119

⭕️ولخطورة هذا الأمر أتبع هذا بذكر غير العاقلين من المؤمنين الذين لا يدركون خطورة ما يفعلون
 فقال الله مهيجا للمؤمنين على الحذر من هؤلاء المنافقين من أهل الكتاب، ومبينا شدة عداوتهم { هاأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله } أي: جنس الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه وهم لا يؤمنون بكتابكم، بل إذا لقوكم أظهروا لكم الإيمان { وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل } وهي أطراف الأصابع من شدة غيظهم عليكم { قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور } وهذا فيه بشارة للمؤمنين أن هؤلاء الذين قصدوا ضرركم لا يضرون إلا أنفسهم، وإن غيظهم لا يقدرون على تنفيذه، بل لا يزالون معذبين به حتى يموتوا فيتنقلوا من عذاب الدنيا إلى عذاب الآخرة.

♦️(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [سورة آل عمران : 120]

⭕️{إن تمسسكم حسنة } كالنصر على الأعداء وحصول الفتح والغنائم { تسؤهم } أي: تغمهم وتحزنهم { وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط } فإذا أتيتم بالأسباب التي وعد الله عليها النصر - وهي الصبر والتقوى- لم يضركم مكرهم، بل يجعل الله مكرهم في نحورهم لأنه محيط بهم علمه وقدرته فلا منفذ لهم عن ذلك ولا يخفى عليهم منهم شيء.

▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️
✨  لمسات بيانية ✨

↙️آية 117
ما الفرق بين كلمة ريح ورياح في القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)


⚪️كلمة ريح في القرآن الكريم تستعمل للشّر كما في قوله تعالى في سورة آل عمران (مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هِـذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {117})

⚪️أما كلمة الرياح فهي تستعمل في القرآن الكريم للخير كالرياح المبشّرات كما في قوله تعالى في سورة الأعراف (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {57})

⚪️وفي سورة سبأ (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ {12}) استعملت كلمة ريح مع سليمان لكنها لم تُخصص لشيء فجاءت عامة قد تكون للخير أو للشر لأن الله سخّرها لسليمان يتصرف بها كيف يشاء.

↙️آية 118
إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (118) آل عمران) قال تعالى (تعقلون) ولم يقل تعلمون أو تفقهون؟ ألا تؤدي ذات المعنى؟(ورتل القرآن ترتيلاً)

⚪️إن هذه الآيات آيات فراسة وتوسّم في اختيار من يثق به الإنسان ويتخذه صديقاً لذلك عبّر عنها بالعقل لأنه أعمّ من العلم والفقه اللذين لا يكشفان حقيقة هذه الفئة.

↙️آية 118
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ (118) آل عمران) البِطانة بكسر الباء في الأصل داخل الثوب لكن البيان الإلهي يتخذها لتصوير حالة صديق الرجل وخصيصه الذي يطّلع على شؤونه فيكون كبطانة الثياب في شدة القرب من صديقه.
▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️
✨إضاءات✨
1. تذكر دائما أن النصر على الأعداء والأمن من مكرهم مشروط بشرطين: التقوى والصبر،(وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).

2. المصائب التي تحصل للعصاة والكفار هي بسبب معاصيهم،(وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَـٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).

3. المسلم العاقل لا يطلب النصيحة إلا من المؤمنين الصادقين،(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالً).
▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️
قراءة لتفسير سورة ال عمران من تفسير السعدي 
بصوت الشيخ محمد بن علي العرفج من الآية 106-127


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق