الأحد، 2 أغسطس 2015

الدرس الرابع عشر (121-129)

﷽ 
الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه .. وبعد

نصاب اليوم : 121-129

 انتهينا بحمد الله وتوفيقه من المقطع الخامس من سورة ال عمران نبدأ اليوم ان شاءالله بالمقطع السادس  


💢المقطع السادس : عندما يواجه الأعداء ( معركة أحد) ( 121: 148) 

♦️ينقسم هذاالمقطع إلى ثلاث مواضيع : 

🔹الموضوع الأول : مقدمات معركة أحد ( وأن الأمر كله لله) (121: 129 ) 

🔹الموضوع الثاني : أهمية الطاعة ،ومواعظ وهدايات في الطاعات ( 130: 138) 

🔹الموضوع الثالث : تعزية المسلمين والنهي عن الهوان والخوف من الموت ( 139: 148)

نتدارس اليوم المقطع الأول ⤵️⤵️
💢الموضوع الأول : مقدمات معركة أحد ،وأن الأمر كله لله ( 121: 129) 

♦️(وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [سورة آل عمران : 121]

⭕️بدأت الآيات ببدء الإستعداد لمواجهة العدو القادم إلى المدينة ،فذكرت أن النبي صل الله عليه وسلم غدا صباحا من أهله ومنزله لينزل المجاهدين في منازلهم ويرتب أوضاعهم ،فيضع أناسا في الميمنة وأناسا في الميسرة ،وآخرين على الجبل 

⭕️وواضح أن التعبير بكلمة ( مقاعد ) وختام الآية ب (سميع عليم ) له علاقة بما حصل لاحقا من انتقال الرماة من مواقعهم ،والنقاشات التي حصلت بينهم ،وحصول الهزيمة بسبب ذلك 

♦️(إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [سورة آل عمران : 122]

⭕️اذكر ـ أيها النبي ـ ما وقع لفرقتين من المؤمنين من بني سَلِمَة، وبني حارثة، حين ضعفوا ، وهَمُّوا بالرجوع حين رجع المنافقون، والله ناصر هؤلاء بتثبيتهم على القتال وصرفهم عما هَمُّوا به، وعلى الله وحده فليعتمد المؤمنون في كل أحوالهم.

⭕️قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : فينا نزلت ( إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا .....)  وقال نحن الطائفتان بنو حارثة وبنو سلمة ،وما نحب أنها لم تنزل لقوله تعالى ( والله وليهما ) أخرجه البخاري 

♦️(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة آل عمران : 123]

⭕️ثم ذكرهم تعالى بما كان في معركة بدر ،وأنه نصرهم على أعدائهم وكانوا أذلة قليلون فأظهرهم الله تعالى على عدوهم وكانوا كثيرون وهم قليلون ،
واليوم في أحد هم آكثر عددا من يوم بدر ،فإن يصبروا كما صبروا في ذاك اليوم اي بدر ينصرهم ، ثم قال لهم : واتقوا ربكم لعلكم تشكرونه على ما منّ به عليكم من النصر

♦️(إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ) [سورة آل عمران : 124]

⭕️ثم ذكر ما وعدهم رسول الله صل الله عليه وسلم في بدر من المدد  بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين منه سبحانه لتقويتكم في قتالكم

♦️(بَلَىٰ ۚ إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) [سورة آل عمران : 125]

⭕️بلى، إن ذلك يكفيكم. ولكم بشارة بعون آخر من الله: إن صبرتم على القتال، واتقيتم الله، وجاء المدد إلى أعدائكم من ساعتهم مسرعين إليكم، إن حصل ذلك أن يعينكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مُعَلَّمين بعلامة ظاهرة عليهم وعلى خيولهم.

⭕️فشرط الله لإمدادهم ثلاثة شروط: الصبر، والتقوى، وإتيان المشركين من فورهم هذا، فهذا الوعد بإنزال الملائكة المذكورين وإمدادهم بهم، 

⭕️وأما وعد النصر وقمع كيد الأعداء فشرط الله له الشرطين الأولين كما تقدم في قوله: { وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا }

♦️(وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ ۗ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) [سورة آل عمران : 126]

⭕️وما جعل الله هذا العون، وهذا الإمداد بالملائكة إلا خبرًا سارًا لكم، تطمئن قلوبكم به، وإلا فإن النصر حقيقة لا يكون بمجرد هذه الأسباب الظاهرة، وإنما النصر حقًا من عند الله العزيز الذي لا يغالبه أحد، الحكيم في تقديره وتشريعه.

♦️(لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ) [سورة آل عمران : 127]

⭕️أي يهلكهم ويذلهم ويحزنهم فيرجعوا خاسرين فاشلين 


♦️(لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) [سورة آل عمران : 128]

⭕️نزلت هذه الآية لسببين : 

🔹الأول : أن رسول الله صل الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الآخرة من الفجر يقول ( اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا ) بعد ما يقول (سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد)  فنزلت الآية ،أخرجه البخاري 

🔹الثاني : أن رسول الله صل الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج في رأسه فجعل يسلت الدم عنه ويقول ( كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله ) فنزلت الآية ،أخرجه مسلم 

فلما دعا الرسول على رؤساء المشركين بالهلاك بعد ما وقع منهم في أُحد؛ قال الله له: ليس لك من أمرهم شيء، بل الأمر لله، فاصبر إلى أن يقضي الله بينكم، أو يوفقهم للتوبة فيسلموا، أو يستمروا على كفرهم فيعذبهم، فإنهم ظالمون مستحقون للعذاب.

♦️(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة آل عمران : 129]

⭕️وختم الموضوع بقوله تعالى ( ولله مافي السماوات ومافي الأرض ) أي يتصرف في ملكه كيف يشاء ،يغفر لمن يشاء برحمته ،ويعذب من يشاء بعدله والله غفور رحيم سبقت رحمته غضبه كما كتب سبحانه فوق عرشه ،أخرجه البخاري

▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️
✨ لمسات بيانية ✨

↙️آية 121
(وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121) آل عمران) المقاعد جمع مقعد وهو مكان القعود أي الجلوس على الأرض. وأنت تعلم أن الحرب والقتال ليسا مكان قعود ولا جلوس بل وقوف وقيام فلِمَ لم يأت البيان بأن يقول: وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مواقف للقتال؟ لأن الوقوف أولى؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)

⚪️إعلم أن إضافة مقاعد لإسم القتال قرينة على أنه أطلق المواضع اللائقة بالقتال التي يثبت فيها المقاتل ولا ينتقل عنها فعبّر عن الثبات والتمكن في المقاعد دون الوقوف لأن الوقوف عرضة الحركة وعدم الثبات.

↙️آية 124
* ما الفرق بين آلآف وألوف (وهم ألوف) في القرآن؟(د.فاضل  السامرائى)

⚪️آلآف من أوزان القِلّة، جمع قلة.  وألوف من الكثرة. لذلك قال ربنا سبحانه وتعالى (أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ (124) آل عمران) (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) آل عمران) لأن القلة من الثلاثة إلى العشرة فإن تجاوزها دخل في الكثرة (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ (243) البقرة) 
قال بعضهم قطعاً أكثر من عشرة آلآف وقسم أوصلهم إلى أربعين ألفاً. آلآف إلى حد العشرة جمع قلة، ألوف ما تجاوز العشرة وهي جمع كثرة.

↙️آية 126
قال تعالى في سورة الأنفال (وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {10} ) وفي سورة آل عمران (وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ {126})
 لماذا جاءت قلوبكم مقدّمة على به في الأنفال ومتأخرة في آل عمران؟د.فاضل السامرائى:

⚪️يجب أن نرى أولاً سياق الآيات في السورتين، سياق آية آل عمران فيه ذكر لمعركة بدر وتمهيد لمعركة أحد وما أصاب المسلمون من حزن وقرح والمقام مقام مسح على القلوب وطمأنة لها (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {139} إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {140}) وغيرها من آيات التصبير والمواساة وخصص البشرى بهم (بشرى لكم) وبه تعود على الإمداد السماوي لذا قدّم القلوب (قلوبكم) على (به) لأن المقام مقام تصبير ومواساة والكلام مسح على القلوب. 

⚪️أما في آية الأنفال قدّم (به) على (قلوبكم) لأن الكلام على الإمداد السماوي الذي هو محور آيات سورة الأنفال وكذلك لم يخصص البشرى وجعلها عامة (وما جعله الله إلا بشرى)

↙️آية 129
ما دلالة تقديم وتأخير (يغفر) في قوله تعالى (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129) آل عمران) (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40) المائدة) ؟(د.حسام النعيمى)

⚪️لو نظرنا في الآيات سنجد أن تقديم المغفرة على العذاب هو الأصل لأنه (كتب ربكم على نفسه الرحمة)  وفي الحديث في صحيح البخاري "رحمتي سبقت غضبي"
⚪️ لكن في الآية 40 في سورة المائدة؟ هذا الأمر يتعلق بقطع اليد (والسارق والسارقة)قدّم العذاب لأن الكلام في البداية كان على عذاب ثم على مغفرة فلا بد أن يتقدم العذاب ولو عسكت لما إستقام الكلام. 
⚪️بينما الأماكن الأخرى الكلام كان إعتيادياً على مغفرة الله تعالى وعذابه فدائماً يقدم الرحمة ويردف بالعذاب يقدم الرحمة ترغيباً للمطيعين ويؤخر العذاب ويذكره تحذيراً من المعصية
▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️

✨إضاءات✨
1. تقوى الله- تعالى- بالعمل بأوامره، واجتناب نواهيه هي الشكر الواجب على العبد، (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

2. صدق الإيمان بالله، وصدق التوكل عليه سببٌ لأن يمدك الله بأسبابٍ من عنده؛ خافية عليك،( إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ).
▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️
 قراءة لتفسير سورة ال عمران من تفسير السعدي 
بصوت الشيخ محمد بن علي العرفج من الآية 128-133


هناك تعليق واحد: