الأربعاء، 12 أغسطس 2015

الدرس الحادي والعشرون (190-195)

الدرس الحادي والعشرون ( 190-195)
﷽ 
الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه .. وبعد

🌷نصاب اليوم : 190-🌷195

📕📗المقطع الثامن : أولو الألباب يستفيدون من الآيات الكونية ( 190: 195) 

⚡️قال الرازي : اعلم أن المقصود من هذا الكتاب الكريم جذب القلوب والأرواح عن الإشتغال بالخلق إلى الإستغراق في معرفة الحق ،فلما طال الكلام في تقرير الأحكام ،والجواب عن شبهات المبطلين عاد إلى إنارة القلوب بذكر ما يدل على التوحيد والإلهية والكبرياء والجلال ،فذكر هذه الآية : 

♦️(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) [سورة آل عمران : 190]

⭕️إن في إيجاد السماوات والأرض من عَدَم على غير مثال سابق، وفي تعاقب الليل والنهار، وتفاوتهما طولاً وقِصَرًا؛ لدلائلَ واضحة لأصحاب العقول السليمة، تدلهم على خالق الكون المستحق للعبادة وحده.

♦️(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [سورة آل عمران : 191]

⭕️الذين يذكرون الله تعالى على كل أحوالهم ( قياما وقعودا وعلى جنوبهم ) ( ويتفكرون في خلق السموات والأرض) فيزيدهم التفكير يقينا فيقولون ( ربنا ما خلقت هذا ) الكون ( باطلا) وعبثا ( سبحانك ) ما خلقت هذا إلا بالحق 
⭕️ثم بدأوا بالإبتهال والدعاء فقالوا ( فقنا عذاب النار ) التي أعددتها للكافرين والغافلين 


♦️(رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [سورة آل عمران : 192]

⭕️( ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } أي:  فقد أهنته وفضحته، وليس للظالمين يوم القيامة من أنصار يمنعون عنهم عذاب الله وعقابه.

♦️(رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ) [سورة آل عمران : 193]

⭕️ ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان } وهو محمد صل الله عليه وسلم، أي: يدعو الناس إليه، ويرغبهم فيه، في أصوله وفروعه. { فآمنا } أي: أجبناه مبادرة، وسارعنا إليه، وفي هذا إخبار منهم بمنة الله عليهم، وتوسل إليه بذلك، أن يغفر ذنوبهم ويكفر سيئاتهم، لأن الحسنات يذهبن السيئات، والذي من عليهم بالإيمان، سيمن عليهم بالأمان التام. { وتوفنا مع الأبرار } بإيماننا بك وتصديقنا لرسولك 


♦️(رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) [سورة آل عمران : 194]

⭕️( ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ) من النعيم والرضوان ،وباعد بيننا وبين النار ( ولا تخزنا يوم القيامة ) فإنك تعالى لا تخلف الميعاد، فأجاب الله دعاءهم، وقبل تضرعهم

♦️(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ ۖ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) [سورة آل عمران : 195]

⭕️أي: أجاب الله دعاءهم، دعاء العبادة، ودعاء الطلب، وقال: إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر وأنثى، فالجميع سيلقون ثواب أعمالهم كاملا موفرا، { بعضكم من بعض } أي: كلكم على حد سواء في الثواب والعقاب، { فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا } فجمعوا بين الإيمان والهجرة، ومفارقة المحبوبات من الأوطان والأموال، طلبا لمرضاة ربهم، وجاهدوا في سبيل الله. { لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله } الذي يعطي عبده الثواب الجزيل على العمل القليل. { والله عنده حسن الثواب } مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فمن أراد ذلك، فليطلبه من الله بطاعته والتقرب إليه، بما يقدر عليه العبد.
▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️

🎀 لمسات بيانية 🎀


↙️آية 193
(رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا (193) آل عمران) لِمَ آثر القرآن تصوير الدعوة بالنداء؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️إعلم أن حقيقة النداء هو الصوت المرتفع والمنادي هو الذي يرفع صوته بالكلام ويبالغ في الصياح به ومن المعلوم أن دعوة النبي ﷺ  لم تكن بالصياح ورفع الصوت فلِمَ آثر القرآن تصوير الدعوة بالنداء؟
 ما ذاك إلا ليبيّن حرص النبي ﷺ  على المبالغة في الإسماع بالدعوة هذا من جهة. 
ومن جهة أخرى لما دعاهم كانوا في حالة الكفر وهي بعيدة عن الإيمان فكان النداء مجازياً لدلالة بُعدِهم وأن النبي ﷺ  كان في موضع عالٍ يناديهم وهو موضع الإيمان.


↙️آية 191
*لم جاء الدعاء ب(ربنا) فى قوله تعالى (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (192) رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ (195) آل عمران)؟(ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️تأمل هذا التعبير بالدعاء (ربنا) دون إسم الجلالة فلم يقولوا يا الله وما ذاك إلا لما في وصف الربوبية من الدلالة على الشفقة بالمربوب ومحبة الخير له ومن الاعتراف بأنهم عبيده. ولِردّ حُسن دعائهم بمثله قال الله تعالى (فاستجاب لهم ربهم).

↙️آية 195
ما دلالة قوله تعالى (من ذكرٍ أو أنثى) فى الآية(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ (195) آل عمران)؟(ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️قد يظن السامع لهذه الآية الكريمة أن قوله تعالى (من ذكر أو أنثى) زيادة كان الأولى الإستغناء عنها ولكن هذا القول جاء لحكمة بليغة فلو استعرضت الأعمال التي أتى بها أولو الألباب المذكورون في الآية لوجدت أن أكبرها الإيمان ثم الهجرة ثم الجهاد. ولما كان الجهاد أكثر تكراراً خيف أن يُتوهَم أن النساء لا حظّ لهن في تحقيق الوعد على لسان الرسل فأتى بالتفصيل (من ذكر وأنثى).

▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️
✨إضاءات ✨
1. احرص على أذكار الصباح، والمساء، والنوم،(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).

2.  انظر إلى السماء، وإلى طلوع الشمس وغروبها، واستخرج من كل واحدة فائدة على عظيم خلق الله سبحانه، (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).

4. اقرأ هذه الآيات: (إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ) إلى آخر السورة، وذلك عند القيام للتهجد آخر الليل، ثم ادع بالأدعية الواردة فيها؛ لثبوت ذلك في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق