الأربعاء، 12 أغسطس 2015

الدرس الثامن عشر (159-164)

الدرس الثامن عشر (159-164)
﷽ 
الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه .. وبعد

🌷نصاب اليوم : 159-🌷164

انتهينا بفضل الله تعالى من الموضوع الأول من المقطع السابع ،نستعرض الليلة بإذن الله تعالى  الموضوع الثاني 


📗📕الدرس الثاني : أهمية الشورى ،ووجوب طاعة رسول الرحمة ( 159: 164) 

♦️(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [سورة آل عمران : 159]

⭕️أي: برحمة الله لك ولأصحابك، منَّ الله عليك أن ألنت لهم جانبك، وخفضت لهم جناحك، وحسنت لهم خلقك، فاجتمعوا عليك وأحبوك، وامتثلوا أمرك.

⭕️ ( ولو كنت فظا ) أي: سيئ الخلق ( غليظ القلب ) أي: قاسيه، ( لانفضوا من حولك ) لأن هذا ينفرهم ويبغضهم لمن قام به هذا الخلق السيئ.

 فالأخلاق الحسنة من الرئيس في الدين، تجذب الناس إلى دين الله، وترغبهم فيه، مع ما لصاحبه من المدح والثواب الخاص، والأخلاق السيئة من الرئيس في الدين تنفر الناس عن الدين، وتبغضهم إليه، مع ما لصاحبها من الذم والعقاب الخاص، فهذا الرسول المعصوم يقول الله له ما يقول، فكيف بغيره؟!
 ثم أمره الله تعالى بأن يعفو عنهم ما صدر منهم من التقصير في حقه صلى الله عليه وسلم، ويستغفر لهم في التقصير في حق الله، فيجمع بين العفو والإحسان.
 ( وشاورهم في الأمر ) أي: الأمور التي تحتاج إلى استشارة ونظر وفكر، 
فإن في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية ما لا يمكن حصره:
🔻 منها: أن المشاورة من العبادات المتقرب بها إلى الله.
🔻 ومنها: أن فيها تسميحا لخواطرهم، وإزالة لما يصير في القلوب عند الحوادث، فإن من له الأمر على الناس -إذا جمع أهل الرأي: والفضل وشاورهم في حادثة من الحوادث- اطمأنت نفوسهم وأحبوه، وعلموا أنه ليس بمستبد عليهم، وإنما ينظر إلى المصلحة الكلية العامة للجميع، فبذلوا جهدهم ومقدورهم في طاعته، لعلمهم بسعيه في مصالح العموم، بخلاف من ليس كذلك، فإنهم لا يكادون يحبونه محبة صادقة، ولا يطيعونه وإن أطاعوه فطاعة غير تامة.
 🔻ومنها: أن في الاستشارة تنور الأفكار، بسبب إعمالها فيما وضعت له، فصار في ذلك زيادة للعقول.
🔻 ومنها: ما تنتجه الاستشارة من الرأي: المصيب، فإن المشاور لا يكاد يخطئ في فعله، وإن أخطأ أو لم يتم له مطلوب، فليس بملوم، فإذا كان الله يقول لرسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو أكمل الناس عقلا وأغزرهم علما، وأفضلهم رأيا-: ( وشاورهم في الأمر ) فكيف بغيره؟!
⭕️ ثم قال تعالى: ( فإذا عزمت ) أي: على أمر من الأمور بعد الاستشارة فيه، إن كان يحتاج إلى استشارة ( فتوكل على الله ) أي: اعتمد على حول الله وقوته، متبرئا من حولك وقوتك، ( إن الله يحب المتوكلين ) عليه، اللاجئين إليه.

♦️(إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [سورة آل عمران : 160]

⭕️إن يؤيدكم الله بإعانته ونصره فلا أحد يغلبكم، ولو اجتمع عليكم أهل الأرض، وإذا ترك نصركم، ووَكَلَكم إلى أنفسكم فلا أحد يستطيع أن ينصركم من بعده، فالنصر بيده وحده، وعلى الله فليعتمد المؤمنون لا على أحد سواه.

♦️(وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ۚ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [سورة آل عمران : 161]

⭕️ثم اتبع الآية بأحد موجبات الخذلان وهو الغلول لأنه كان سبب هزيمتهم في أحد 

⭕️فما كان لنبي من أنبياء الله أن يخون بأخذ شيء من الغنيمة غير ما اختصه به الله، ومن يَخُنْ منكم بأخذ شيء من الغنيمة، يُعاقَب عليه بأن يُفضح يوم القيامة، فيأتي حاملاً ما أخذه أمام الخلق، ثم تُعطى كل نفس جزاء ما اكتسبته تامًا غير منقوص، وهم لا يُظلمون بزيادة سيئاتهم، ولا بنقص حسناتهم.

♦️(أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [سورة آل عمران : 162]

⭕️جاءت هذه الآية لتبين أن جزاء المطيعين ليس كجزاء المسيئين 
⭕️لا يستوي عند الله من اتبع ما ينال به رضوان الله من الإيمان والعمل الصالح، ومن كفر بالله وعمل السيئات، فرجع بغضب شديد من الله، ومستقره جهنم، وساءت مرجعًا ومستقرًا.

(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [سورة آل عمران : 164]

⭕️قال تعالى مؤكدا تنزيه نبيه صل الله عليه وسلم عما قد يُفهم بالنسبة للغلول ( لقد من الله على المؤمنين ) منة عظيمة إذ بعث فيهم رسولا عربيا يفهمون كلامه ( من أنفسهم) إنسانا بشرا مثلهم وليس ملكا ،يتلوا عليهم القرآن ويطهرهم من الكفر والذنوب والآثام و يعلمهم ( الحكمة ) أي السُنة ،وقد كانوا من قبل أن يُرسل إليهم في ضلال واضح

▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️
🎀 لمسات بيانية 🎀

↙️آية 162
ما الفرق بين ختام الآيتين
- (وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) آل عمران) 
- و(مأواكم النار هى مولاكم وبئس المصير)الحديد؟(د.فاضل السامرائى


⚪️كل الآيات التي ورد فيها (وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) آل عمران) ونحوها إنما قيلت وهم في الدنيا والدنيا لا تزال غير منقضية 
⚪️وأما فى سورة الحديد (مأواكم النار هى مولاكم وبئس المصير)فإنه قيل وهم في الآخرة وقد ضرب السور بينهم وبين المؤمنين وأتاهم العذاب من قبله فالنار قريبة منهم فقال (هي مولاكم).

⚪️(وبئس المصير) هذه أنسب خاتمة لهم فقد كانوا في ترقبهم وأمانيهم ينتظرون المصير الحسن والمستقبل المشرق فكانت لهم الظلمة والمصير الأسوأ.


↙️آية 164
ما دلالة الفرق في الترتيب بين 
- آية سورة البقرة (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ (129)) - وآية سورة آل عمران (رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ (164)) ؟(د.عمر عبد الكافى)


⚪️ وردت في القرآن الكريم مثل هذه الآيات أربع مرات ثلاث منها عن الله تعالى ومرة على لسان ابراهيم  وهي الآيات التالية:


🔻سورة البقرة (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151))

🔻آل عمران (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164))

🔻سورة الجمعة ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)))


 🔻وعلى لسان ابراهيم :سورة البقرة ((رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)))


⚪️ وهذا يعود إلى ترتيب الأولويات والأهمية في الخطابين، فعندما دعا ابراهيم  ربه أن يرسل رسولاً أخّر جانب تزكية الأخلاق إلى آخر مرحلة بعد تلاوة الآيات وتعليمهم الكتاب والحكمة.


⚪️أما في آية سورة الجمعة وسورة البقرة (151) وسورة آل عمران فالخطاب من الله تعالى بأنه بعث في الأميين رسولاً يتلو عليهم آياته ويزكيهم قبل مرحلة يعلمهم الكتاب والحكمة لأن الجانب الخُلُقي يأتي قبل الجانب التعليمي ولأن الإنسان إذا كان غير مزكّى في خلقه لن يتلقى الكتاب والحكمة على مُراد الله تعالى والرسول ﷺ  من أهم صفاته أنه على خلق عظيم كما شهد له رب العزة بذلك في قوله (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) القلم).

⚪️والتزكية هي ربع المهمّة المحمدية (تلاوة الآيات، تعليم الكتاب، تعليم الحكمة، التزكية).

▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️

✨إضاءات ✨
1. تذكر أن طلب النصر من غير الله خذلان، والمنصور من نصره الله، والمخذول من خذله الله عز وجل،(إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).


2. الرحمة، والتواضع، ولين الجانب، والعفو من أهم صفات الداعية، (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).

هناك تعليق واحد: