الأربعاء، 12 أغسطس 2015

الدرس العشرون (180-189)

الدرس العشرون (180-189)
﷽ 
الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه .. وبعد

🌷نصاب اليوم : 180-🌷189


📕📗الدرس الرابع من المقطع السابع : تحذير المنافقين والبخلاء ،والتحذير من أن المال كان من أسباب الهزيمة ( 180: 189) 

♦️(وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [سورة آل عمران : 180]

⭕️أي: ولا يظن الذين يبخلون، أي: يمنعون ما عندهم مما آتاهم الله من فضله،  وبخلوا به، وأمسكوه، وظنوا أنه خير لهم، بل هو شر لهم، في دينهم ودنياهم، وعاجلهم وآجلهم { سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } أي: يجعل ما بخلوا به طوقا في أعناقهم، يعذبون به كما ورد في الحديث الصحيح:

⚡\"إن البخيل يمثل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع، له زبيبتان، يأخذ بلهزمتيه يقول: أنا مالك، أنا كنزك\" وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداق ذلك، هذه الآية.

 ⭕️فهؤلاء حسبوا أن بخلهم نافعهم، فانقلب عليهم الأمر، وصار من أعظم مضارهم، وسبب عقابهم


⭕️{ ولله ميراث السماوات والأرض } ولله وحده مُلك ما في السماوات والأرض، وهو الحي بعد فناء خلقه كلهم، والله بما تعملون من خير وشر خبير، وسيجازيكم عليه.

♦️(لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) [سورة آل عمران : 181]

⭕️ثم انتقل الحديث من حضيض البخل إلى درك القبح والجهل ،إذ اجترءوا على مقام الجلال ،لقد سمع الله قول اليهود حين قالوا: إن الله فقير حيث طلب منا القرض، ونحن أغنياء بما عندنا من أموال، 
⚡️وكان قولهم هذا بعد نزول قوله تعالى ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ) البقرة ٢٥٤ ،قالت اليهود:  يا محمد افتقر ربك ،يسأل عباده القرض ؟ فنزلت الآية 

⭕️فتوعدهم ربهم : سنكتب في صحائف أعمالهم هذه المقولة الشنيعة، ونكتب عليهم رضاهم بقتل أسلافهم لأنبياء الله عمدًا وعدوانًا، ونقول لهم جميعًا: ذوقوا العذاب المحرق في النار.

♦️(ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [سورة آل عمران : 182]

⭕️ذلك العذاب بسبب ما قدمت أيديكم ـ أيها اليهود ـ من المعاصي والمخازي، وبأن الله ليس يظلم أحدًا من عبيده.

♦️(الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ۗ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [سورة آل عمران : 183]

⭕️وهم الذين قالوا كذبًا وافتراء: إن الله أوصانا في كتبه وعلى ألسنة أنبيائه أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بما يصدق قوله، وذلك بأن يتقرب إلى الله بصدقة تُحْرقُها نار تنزل من السماء، فكذبوا على الله في نسبة الوصية إليه، وفي حصر دلائل صدق الرسل فيما ذكروا، ولهذا أمر الله نبيه محمدًا صلّى الله عليه وسلّم أن يقوله لهم: قد جاءكم رسل من قبلي بالبراهين الواضحة على صدقهم، وبالذي ذكرتم من القُربان الذي تحرقه نار من السماء، فلم كذبتموهم وقتلتموهم إن كنتم صادقين فيما تقولون؟!

♦️(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) [سورة آل عمران : 184]
⭕️ثم سلَّى رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: { فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك } فهي عادة الكافرين، فقد كُذب رسل كثر من قبلك، جاؤوا بالأدلة الواضحة، وبالكتب المشتملة على المواعظ والرقائق، والكتاب الهادي بما فيه من الأحكام والشرائع.

♦️(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [سورة آل عمران : 185]

⭕️كل نفس مهما تكن لا بد أن تذوق الموت، فلا يغتر مخلوق بهذه الدنيا، وفي يوم القيامة تعطون أجور أعمالكم كاملة غير منقوصة، فمن أبعده الله عن النار، وأدخله الجنة؛ فقد نال ما يرجو من الخير، ونجا مما يخاف من الشر، وما الحياة الدنيا إلا متاع زائل، ولا يتعلق بها إلا المخدوع.
⭕️وفي هذه الآية إشارة لطيفة إلى نعيم البرزخ وعذابه، وأن العاملين يجزون فيه بعض الجزاء مما عملوه، ويقدم لهم نموذج مما أسلفوه، يفهم هذا من قوله: { وإنما توفون أجوركم يوم القيامة } أي: توفية الأعمال التامة، إنما يكون يوم القيامة، وأما ما دون ذلك فيكون في البرزخ، بل قد يكون قبل ذلك في الدنيا كقوله تعالى: ⚡⚡{ ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر }

♦️(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [سورة آل عمران : 186]

⭕️يخبر تعالى ويخاطب المؤمنين أنهم سيبتلون في : 
⚡️أموالهم من النفقات الواجبة والمستحبة، ومن التعريض لإتلافها في سبيل الله
⚡️وفي أنفسهم من التكليف بأعباء التكاليف الثقيلة على كثير من الناس، كالجهاد في سبيل الله، والتعرض فيه للتعب والقتل والأسر والجراح، وكالأمراض التي تصيبه في نفسه، أو فيمن يحب
⚡️{ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، ومن الذين أشركوا أذى كثيرا } من الطعن فيكم، وفي دينكم وكتابكم ورسولكم. 

⭕️وفي إخباره لعباده المؤمنين بذلك، عدة فوائد: منها: 
- أن حكمته تعالى تقتضي ذلك، ليتميز المؤمن الصادق من غيره.
- أنه تعالى يقدر عليهم هذه الأمور، لما يريده بهم من الخير ليعلي درجاتهم، ويكفر من سيئاتهم.
-أنه أخبرهم بذلك لتتوطن نفوسهم على وقوع ذلك، والصبر عليه إذا وقع؛ لأنهم قد استعدوا لوقوعه، فيهون عليهم حمله، وتخف عليهم مؤنته، ويلجأون إلى الصبر والتقوى، ولهذا قال: 

⭕️وإن تصبروا على ما يصيبكم من أنواع المصائب والابتلاءات، وتتقوا الله بفعل ما أمر وتَرْك ما نهى، فإن ذلك من الأمور التي تحتاج إلى عزم، ويتنافس فيها المتنافسون.

♦️(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) [سورة آل عمران : 187]

⭕️وفعل هؤلاء ليس بمستغرب ،فقد خانوا الله وكفروا برسله من قبل ( وإذ أخذ الله ميثاق ) العلماء ( الذين أوتوا الكتاب ) من ربهم ( لتبيننه للناس ) ولهذا أُنزل عليكم ( ولا تكتمونه ) فبعد أن أُمروا بالبيان ،أُمروا بعدم الكتمان ،والكتمان جُرم أكبر من عدم البيان ( فنبذوه وراء ظهورهم )  فما كان منهم إلا أن طرحوا العهد، ولم يلتفتوا إليه، فكتموا الحق وأظهروا الباطل، واستبدلوا بعهد الله ثمنًا زهيدًا، كالجاه والمال الذي قد ينالونه، فبئس هذا الثمن الذي يستبدلونه بعهد الله.

♦️(لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة آل عمران : 188]

⭕️لا تظنن ـ يا أيها النبي ـ أن الذين يفرحون بما فعلوا من القبائح، ويحبون أن يمدحهم الناس بما لم يفعلوه من الخير، لا تظنَّنهم بمَنْجاة من العذاب وسلامة، بل محلهم جهنم، ولهم فيها عذاب أليم.

✨وقد ورد في سبب نزول الآيات أنها نزلت في رجال من المنافقين في عهد رسول الله صل الله عليه وسلم كانوا إذا خرج النبي صل الله عليه وسلم إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صل الله عليه وسلم ،فإذا قدم رسول الله صل الله عليه وسلم اعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا ،فنزلت الآية ،أخرجه مسلم 

♦️(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة آل عمران : 189]

⭕️ثم ختم المقطع ببيان تفرد الله تعالى بالملك والأمر في السموات والأرض ،وبمقدرته المطلقة على كل شئ ،وأنه تعالى لا يعجزه شئ ،فيجب أن تهابوه وتخافوه ،وتحذروا نقمته وغضبه
▪️▫️▪️▫️▪️▫️
🎀 لمسات بيانية 🎀

↙️آية181
لماذا استخدم لفظ (ذائقة) في آية سورة آل عمران (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)
 وفي قوله تعالى (وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) آل عمران)؟ لماذا استعمل الذوق مع الموت والعذاب؟(د.حسام النعيمى)


⚪️ عندما يقول (ذائقة الموت) (ذوقوا عذاب الحريق) إشارة إلى شدة الإلتصاق والإتصال بحيث كأن الموت يتحول إلى شيء يكون في الفم بأقرب شيء من الإنسان بحيث يذوقه ويتحسسه يعني الموت ليس خيالاً وإنما يُذاق والعذاب ليس خيالاً وإنما هو سيُذاق ذوقاً. فكما أن الشيء يوضع على اللسان فيحسه هكذا سيكون قُرب الموت من الإنسان والتصاقه به وهكذا سيكون العذاب من القرب والإلتصاق بهذا المعذّب لأنه سيكون في فمه فهذا هو الغاية من هذه الإستعارة.

▪️▫️▪️▫️▪️▫️
✨إضاءات✨
1. إذا قيل الدنيا؛ فإنها تعني مركبك، ومسكنك، وملبسك, ومحاولتك التميز في ذلك عن غيرك هي بداية الغفلة، ثم الغرور والهلاك،(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).

2. ما أعظم حلم الله تعالى، وصبره على أذى عباده،(لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ).

3. اعلم أن أسعد الناس من أتته منيته، وقد زحزحه الله- تعالى- عن النار، وأدخله الجنة، (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ).
 
4. يهلك المجتمع إذا كتم العلماء الحق؛ إرضاء للناس، أو ليحوزوا على مكاسب دنيوية، مالاً، أو جاهاً، أو سلطاناً،(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ).

5. حق على العالم و طالب العلم أن ينشر العلم الذي أخذه بين الناس، ولا يكتمه عن أحد،(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ).

6. إياك أن يتسلل لقلبك حب المدح والثناء، وأعظم منه أن تحب المدح بما لم تفعل، (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).  

الدرس التاسع عشر (165-179)

الدرس التاسع عشر ( 165-179)
﷽ 
الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه .. وبعد

🌷نصاب اليوم : 165-🌷179

نستعرض الليلة بإذن الله تعالى الدرس الثالث من المقطع السابع 

📕📗الدرس الثالث : أسباب الهزيمة وفوائدها ،والفرق بين الخبيث والطيب ( 165: 179) 

🍃🍂🍃بعد أن أمتن الله تعالى على المؤمنين ببعثة نبيه صل الله عليه وسلم ،ذكرهم هنا بالنصر الذي منّ به عليهم في بدر ،حتى لا ينسوه بسبب الهزيمة في أُحد ،كما ذكرهم بأن فعلهم هو السبب في هزيمتهم 
ثم ذكر فوائد من الهزيمة وهي تمييز الخبيث من الطيب ،والحق والباطل 

♦️(أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة آل عمران : 165]

⭕️هذا تسلية من الله تعالى لعباده المؤمنين، حين أصابهم ما أصابهم يوم \"أحد\" وقتل منهم نحو سبعين، فقال الله: إنكم { قد أصبتم } من المشركين { مثليها } يوم بدر فقتلتم سبعين من كبارهم وأسرتم سبعين، فليهن الأمر ولتخف المصيبة عليكم، مع أنكم لا تستوون أنتم وهم، فإن قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار. 

⭕️{ قلتم أنى هذا } أي: من أين أصابنا ما أصابنا وهزمنا؟ { قل هو من عند أنفسكم } حين تنازعتم وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، فعودوا على أنفسكم باللوم، واحذروا من الأسباب المردية. { إن الله على كل شيء قدير } فإياكم وسوء الظن بالله، فإنه قادر على نصركم، ولكن له أتم الحكمة في ابتلائكم ومصيبتكم. { ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض }سورة محمد 

♦️(وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ) [سورة آل عمران : 166]

⭕️ثم أخبر أن ما أصابهم يوم التقى الجمعان، جمع المسلمين وجمع المشركين في \"أحد\" من القتل والهزيمة، أنه بإذنه وقضائه وقدره، لا مرد له ولا بد من وقوعه. والأمر القدري -إذا نفذ، لم يبق إلا التسليم له، وأنه قدره لحكم عظيمة وفوائد جسيمة، وأنه ليتبين بذلك المؤمن من المنافق

♦️(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ ۗ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ ۚ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) [سورة آل عمران : 167]

⭕️وليظهر المنافقون الذين لمَّا قيل لهم: قاتلوا في سبيل الله، أو ادفعوا عن محارمكم وحمية لقومكم؛ قالوا: لو نعلم أن فعلكم هذا قتال كما يكون القتال لاتبعناكم، ولكنكم تلقون بأنفسكم إلى التهلكة، هم في حالهم وقتئذٍ أقرب إلى ما يدل على كفرهم مما يدل على إيمانهم، يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، والله أعلم بما يُبْطِنونه في صدورهم، وسيعاقبهم عليه.

✨ومن المتفق عليه أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن سلول واتباعه الذين رجعوا قبل القتال ( العجاب في بيان الأسباب لابن حجر )


♦️(الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ۗ قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [سورة آل عمران : 168]

⭕️هم الذين تخلفوا عن القتال، وقالوا لقراباتهم الذين أصيبوا يوم أُحد: لو أنهم أطاعونا ولم يخرجوا للقتال لما قتلوا، قل ـ أيها النبي ـ ردًّا عليهم: فادفعوا عن أنفسكم الموت إذا نزل بكم إن كنتم صادقين فيما ادعيتموه من أنهم لو أطاعوكم ما قتلوا، وأن سبب نجاتكم من الموت هو القعود عن الجهاد في سبيل الله.

♦️(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [سورة آل عمران : 169]

⭕️هذه الآيات الكريمة فيها فضيلة الشهداء وكرامتهم، وما منَّ الله عليهم به من فضله وإحسانه، وفي ضمنها تسلية الأحياء عن قتلاهم وتعزيتهم، وتنشيطهم للقتال في سبيل الله والتعرض للشهادة، فقال: ولا تظنن ـ أيها النبي ـ أن الذين قُتلوا في الجهاد في سبيل الله أموات، بل هم أحياء حياة خاصة عند ربهم في دار كرامته، يرزقون من أنواع النعيم الذي لا يعلمه إلا الله.

♦️(فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [سورة آل عمران : 170]

⭕️فرحين لا يمسهم السوء والأذى ،راضيين مسرورين ( بما آتاهم الله من فضله ) وهو ذو الفضل العظيم ( ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ) يأملون وينتظرون أن يلحق بهم إخوانهم الذين بقوا في الدنيا، أنهم إن قتلوا في الجهاد فسينالون من الفضل مثلهم، ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر الآخرة، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.

♦️(يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) [سورة آل عمران : 171

⭕️{يستبشرون بنعمة من الله وفضل } أي: يهنىء بعضهم بعضا، بأعظم مهنأ به، وهو: نعمة ربهم، وفضله، وإحسانه، { وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين } بل ينميه ويشكره، ويزيده من فضله، ما لا يصل إليه سعيهم.

✨وفي هذه الآيات إثبات نعيم البرزخ، وأن الشهداء في أعلى مكان عند ربهم، وفيه تلاقي أرواح أهل الخير، وزيارة بعضهم بعضا، وتبشير بعضهم بعضا.

♦️(الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) [سورة آل عمران : 172]
♦️(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) [سورة آل عمران : 173]

⭕️بعد أن ذم تعالى المنافقين بعد أن رجعوا من غير أن يصيبهم قرح ،ومدح أحوال الشهداء ،ورغب في الشهادة ،أخذ يذكر ما أثمر لهم إيمانهم من المبادرة إلى الإجابة إلى ما يهديهم إليه صل الله عليه وسلم ،فقال عن المؤمنين إنهم 

⭕️( الذين استجابوا لله والرسول ) لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من \"أحد\" إلى المدينة، وسمع أن أبا سفيان ومن معه من المشركين قد هموا بالرجوع إلى المدينة، ندب أصحابه إلى الخروج، فخرجوا -على ما بهم من الجراح- استجابة لله ولرسوله، وطاعة لله ولرسوله، فوصلوا إلى \"حمراء الأسد\" وجاءهم من جاءهم وقال لهم: { إن الناس قد جمعوا لكم } وهموا باستئصالكم، تخويفا لهم وترهيبا، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانا بالله واتكالا عليه. { وقالوا حسبنا الله } أي: كافينا كل ما أهمنا { ونعم الوكيل } المفوض إليه تدبير عباده، والقائم بمصالحهم.


♦️(فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) [سورة آل عمران : 174]

⭕️فانقلبوا } أي: رجعوا { بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء } وجاء الخبر المشركين أن الرسول وأصحابه قد خرجوا إليكم، وندم من تخلف منهم، فألقى الله الرعب في قلوبهم، واستمروا راجعين إلى مكة، ورجع المؤمنون بنعمة من الله وفضل، حيث مَنَّ عليهم بالتوفيق للخروج بهذه الحالة والاتكال على ربهم، ثم إنه قد كتب لهم أجر غزاة تامة، فبسبب إحسانهم بطاعة ربهم، وتقواهم عن معصيته، لهم أجر عظيم، وهذا فضل الله عليهم.

♦️(إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [سورة آل عمران : 175]

⭕️ثم اتبع ذلك بتثبيت المؤمنين ،وبيان ضعف العدو ،وأن الأمر بيد الله تعالى ،فعليهم أن يستجيبوا له ويتبعوا أوامره ،ولا يلتفتوا إلى المثبطين الذين يخوفونهم من أعدائهم 
⭕️فقال تعالىإنما المُخوِّف لكم الشيطان، يخوفكم بأنصاره وأعوانه ، فلا تخافوهم، فإنهم لا حول لهم ولا قوة، وخافوا الله وحده بالتزام طاعته، إن كنتم مؤمنين به حقًّا.

♦️(وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ۚ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ۗ يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [سورة آل عمران : 176]

⭕️ولا يُوقِعْك في الحزن ـ أيها الرسول ـ الذين يسارعون في الكفر مرتدين على أعقابهم من أهل النفاق، فإنهم لن يضروا الله شيئًا، وإنما يضرون أنفسهم ببعدهم عن الإيمان بالله وطاعته، يريد الله بخذلانهم وعدم توفيقهم أن لا يكون لهم نصيب في نعيم الآخرة، ولهم فيها عذاب عظيم في النار.

♦️(إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة آل عمران : 177]

⭕️إن الذين استبدلوا الكفر بالإيمان لن يضروا الله أي شيء، فهو الغني العزيز، إنما يضرون أنفسهم، ولهم عذاب أليم في الآخرة.

♦️(وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ۚ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ۚ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [سورة آل عمران : 178]

⭕️ولا يظنن الذين كفروا بربهم، وعاندوا شرعه، أن إمهالهم وإطالة عمرهم على ما هم عليه من كفرٍ خيرٌ لأنفسهم، ليس الأمر كما ظنوا، وإنما نمهلهم ليزدادوا إثمًا بكثرة المعاصي على إثمهم، ولهم عذاب مُذِلّ .

♦️(مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [سورة آل عمران : 179]

⭕️ما كان من حكمة الله أن يَدَعَكم أيها المؤمنون على ما أنتم عليه من اختلاط بالمنافقين وعدم تمايز بينكم، وعدم تبين المؤمنين حقًا، حتى يميزكم بأنواع التكاليف والابتلاءات، ليظهر المؤمن من المنافق، والخبيث من الطيب. وما كان من حكمة الله أن يطلعكم على الغيب فتُميزوا بين المؤمن والمنافق، ولكن الله يختار من رسله من يشاء، فيطلعه على بعض الغيب؛ كما أطلع نبيه محمدًا صلّى الله عليه وسلّم على حال المنافقين، فحقِّقوا إيمانكم بالله ورسوله، وإن تؤمنوا حقًا وتتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه فلكم ثواب عظيم عند الله.


▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️
🎀 لمسات بيانية 🎀


↙️آية 173
الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) تبصّر في هذه الصورة الرائعة ودقتها المتناهية تسلب الألباب، إنها صورة هؤلاء المؤمنين الذين استعلوا على جراحهم في غزوة أحد واستعلوا على آلآمهم ولم يفقدوا شجاعتهم وتبتلهم ويقينهم بالله عز وجل فلما خوّفهم الناس بجموع المشركين التي تجمعت لاستئصالهم ما زادهم هذا التخويف إلا إيماناً ويقيناً وثباتاً وعزيمة وقالوا (حسبنا الله ونعم الوكيل).

↙️آية 176
ما الفرق بين خواتيم الآيات في سورة آل عمران
-  (وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) 
- إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئًا وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) 
- وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (178))؟(د.فاضل  السامرائى)


⚪️نقرأ الآيات ونوضح سبب الاختيار. (وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176)) 
✨ذكر أن هؤلاء يعجلون في الكفر، يسارعون في الكفر فربنا هددهم يريد الله أن لا يجعل لهم حظاً في الآخرة لا في الآخرين ⚡️ فإذاً ذكر العذاب العظيم وهو أشد العذاب. 
⚪️إنما الآية الأخرى (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئًا وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  (177))
✨ الذي يشتري بضاعة يطلب الربح فإذا خسر يتألم، إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان يعني تركوا الإيمان واشتروا الكفر خسروا والخاسر يتألم⚡️ فله عذاب أليم. 
⚪️(وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (178)) هؤلاء أملى لهم من المال والرزق والسعة يملي لهم ما هو خير لهم في ظاهره ما يفخرون به وما هو يعتزون به وقد يستطيلون على خلق الله، ⚡️هذا المستطيل يُهان فجاء بصفة ضد ما كان يصنع في حياته الدنيا، كان يعتز ويفخر فيهان.

 العذاب متحقق في الثلاثة لكن كل واحدة تناسب ما قيل فيه ومن قيل فيه.


↙️آية 176
ما اللمسة البيانية فى قوله تعالى(وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) آل عمران)؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️انظر إلى هذه الاستعارة التمثيلية لحال أهل الكفر والنفاق والتي قوّاها تعدية المسارعة بـ (في) عوضاً عن (إلى) فقال تعالى (يسارعون في الكفر) ولم يقل إلى الكفر. وبيان ذلك أنه شبّه حال حرصهم وجدّهم في تكفير الناس وإدخال الشك على المؤمنين بحال الطالب المسارع إلى تحصيل شيء يخشى أن يفوته. فأفادت يسارعون في الكفر أنهم لم يكتفوا بالكفر بل توغلوا في أعماقه.


↙️آية 179
لماذا استخدم لفظ يجتبي في آية سورة (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179) آل عمران) ولم يقل يختار أو يصطفي؟(د.حسام النعيمى)


⚪️الفعل اجتبى واختار بصيغة افتعل نفس الصيغة لكن اجتبى من جَبَيَ والجباية هي الضمّ والجمع يعني أنك تضم الشيء إليك وتجمعه إليك. فيسمون الجابية للمكان الذي يجمعون فيه الماء كأنه يصير اختلاط وامتزاج للماء فكأن الآية الكريمة التي تشير إلى الإجتباء فيها معنى الجمع والضمّ والتقريب يعني شدة القرب من الله سبحانه وتعالى.
⚪️ أما الإختيار ففيه الإنتقاء للأخير والأفضل لأن فيه معنى خَيَر فيه معنى الخير ولكن ليس فيه معنى الضم والقرب. فإذا أراد الإشارة إلى مجرد الخيرية يستعمل يختار وإذا أراد معنى الجمع والتقريب والضم يستعمل اجتباء.
▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️

✨إضاءات✨
1. تذكر دائما ولا تنس أن الذنوب والمعاصي هي سبب الخسران والهزيمة وعدم التوفيق،(أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).2. تيقن أن كل الأحداث التي تتم في العالم سبق بها علم الله، ولا تحدث إلا بإذنه، ولها حكم عظيمة، (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ).

3. احذر المثبطين عن الخير، المقبلين على الدنيا، الراغبين في مصالحهم الخاصة، قال تعالى:(الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا).

4. الشهداء يستبشرون بالمؤمنين؛ الذين خلفوهم على الإيمان والجهاد بأنهم إذا لحقوا بهم؛ نالهم من الكرامة والنعيم مثل ما نالهم،( وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).

5. اعلم أنه لا خوف ينال المؤمن الصالح؛ إذا مات ولا حزن يصيبه،(فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).


الدرس الثامن عشر (159-164)

الدرس الثامن عشر (159-164)
﷽ 
الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه .. وبعد

🌷نصاب اليوم : 159-🌷164

انتهينا بفضل الله تعالى من الموضوع الأول من المقطع السابع ،نستعرض الليلة بإذن الله تعالى  الموضوع الثاني 


📗📕الدرس الثاني : أهمية الشورى ،ووجوب طاعة رسول الرحمة ( 159: 164) 

♦️(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [سورة آل عمران : 159]

⭕️أي: برحمة الله لك ولأصحابك، منَّ الله عليك أن ألنت لهم جانبك، وخفضت لهم جناحك، وحسنت لهم خلقك، فاجتمعوا عليك وأحبوك، وامتثلوا أمرك.

⭕️ ( ولو كنت فظا ) أي: سيئ الخلق ( غليظ القلب ) أي: قاسيه، ( لانفضوا من حولك ) لأن هذا ينفرهم ويبغضهم لمن قام به هذا الخلق السيئ.

 فالأخلاق الحسنة من الرئيس في الدين، تجذب الناس إلى دين الله، وترغبهم فيه، مع ما لصاحبه من المدح والثواب الخاص، والأخلاق السيئة من الرئيس في الدين تنفر الناس عن الدين، وتبغضهم إليه، مع ما لصاحبها من الذم والعقاب الخاص، فهذا الرسول المعصوم يقول الله له ما يقول، فكيف بغيره؟!
 ثم أمره الله تعالى بأن يعفو عنهم ما صدر منهم من التقصير في حقه صلى الله عليه وسلم، ويستغفر لهم في التقصير في حق الله، فيجمع بين العفو والإحسان.
 ( وشاورهم في الأمر ) أي: الأمور التي تحتاج إلى استشارة ونظر وفكر، 
فإن في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية ما لا يمكن حصره:
🔻 منها: أن المشاورة من العبادات المتقرب بها إلى الله.
🔻 ومنها: أن فيها تسميحا لخواطرهم، وإزالة لما يصير في القلوب عند الحوادث، فإن من له الأمر على الناس -إذا جمع أهل الرأي: والفضل وشاورهم في حادثة من الحوادث- اطمأنت نفوسهم وأحبوه، وعلموا أنه ليس بمستبد عليهم، وإنما ينظر إلى المصلحة الكلية العامة للجميع، فبذلوا جهدهم ومقدورهم في طاعته، لعلمهم بسعيه في مصالح العموم، بخلاف من ليس كذلك، فإنهم لا يكادون يحبونه محبة صادقة، ولا يطيعونه وإن أطاعوه فطاعة غير تامة.
 🔻ومنها: أن في الاستشارة تنور الأفكار، بسبب إعمالها فيما وضعت له، فصار في ذلك زيادة للعقول.
🔻 ومنها: ما تنتجه الاستشارة من الرأي: المصيب، فإن المشاور لا يكاد يخطئ في فعله، وإن أخطأ أو لم يتم له مطلوب، فليس بملوم، فإذا كان الله يقول لرسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو أكمل الناس عقلا وأغزرهم علما، وأفضلهم رأيا-: ( وشاورهم في الأمر ) فكيف بغيره؟!
⭕️ ثم قال تعالى: ( فإذا عزمت ) أي: على أمر من الأمور بعد الاستشارة فيه، إن كان يحتاج إلى استشارة ( فتوكل على الله ) أي: اعتمد على حول الله وقوته، متبرئا من حولك وقوتك، ( إن الله يحب المتوكلين ) عليه، اللاجئين إليه.

♦️(إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [سورة آل عمران : 160]

⭕️إن يؤيدكم الله بإعانته ونصره فلا أحد يغلبكم، ولو اجتمع عليكم أهل الأرض، وإذا ترك نصركم، ووَكَلَكم إلى أنفسكم فلا أحد يستطيع أن ينصركم من بعده، فالنصر بيده وحده، وعلى الله فليعتمد المؤمنون لا على أحد سواه.

♦️(وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ۚ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [سورة آل عمران : 161]

⭕️ثم اتبع الآية بأحد موجبات الخذلان وهو الغلول لأنه كان سبب هزيمتهم في أحد 

⭕️فما كان لنبي من أنبياء الله أن يخون بأخذ شيء من الغنيمة غير ما اختصه به الله، ومن يَخُنْ منكم بأخذ شيء من الغنيمة، يُعاقَب عليه بأن يُفضح يوم القيامة، فيأتي حاملاً ما أخذه أمام الخلق، ثم تُعطى كل نفس جزاء ما اكتسبته تامًا غير منقوص، وهم لا يُظلمون بزيادة سيئاتهم، ولا بنقص حسناتهم.

♦️(أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [سورة آل عمران : 162]

⭕️جاءت هذه الآية لتبين أن جزاء المطيعين ليس كجزاء المسيئين 
⭕️لا يستوي عند الله من اتبع ما ينال به رضوان الله من الإيمان والعمل الصالح، ومن كفر بالله وعمل السيئات، فرجع بغضب شديد من الله، ومستقره جهنم، وساءت مرجعًا ومستقرًا.

(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [سورة آل عمران : 164]

⭕️قال تعالى مؤكدا تنزيه نبيه صل الله عليه وسلم عما قد يُفهم بالنسبة للغلول ( لقد من الله على المؤمنين ) منة عظيمة إذ بعث فيهم رسولا عربيا يفهمون كلامه ( من أنفسهم) إنسانا بشرا مثلهم وليس ملكا ،يتلوا عليهم القرآن ويطهرهم من الكفر والذنوب والآثام و يعلمهم ( الحكمة ) أي السُنة ،وقد كانوا من قبل أن يُرسل إليهم في ضلال واضح

▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️
🎀 لمسات بيانية 🎀

↙️آية 162
ما الفرق بين ختام الآيتين
- (وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) آل عمران) 
- و(مأواكم النار هى مولاكم وبئس المصير)الحديد؟(د.فاضل السامرائى


⚪️كل الآيات التي ورد فيها (وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) آل عمران) ونحوها إنما قيلت وهم في الدنيا والدنيا لا تزال غير منقضية 
⚪️وأما فى سورة الحديد (مأواكم النار هى مولاكم وبئس المصير)فإنه قيل وهم في الآخرة وقد ضرب السور بينهم وبين المؤمنين وأتاهم العذاب من قبله فالنار قريبة منهم فقال (هي مولاكم).

⚪️(وبئس المصير) هذه أنسب خاتمة لهم فقد كانوا في ترقبهم وأمانيهم ينتظرون المصير الحسن والمستقبل المشرق فكانت لهم الظلمة والمصير الأسوأ.


↙️آية 164
ما دلالة الفرق في الترتيب بين 
- آية سورة البقرة (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ (129)) - وآية سورة آل عمران (رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ (164)) ؟(د.عمر عبد الكافى)


⚪️ وردت في القرآن الكريم مثل هذه الآيات أربع مرات ثلاث منها عن الله تعالى ومرة على لسان ابراهيم  وهي الآيات التالية:


🔻سورة البقرة (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151))

🔻آل عمران (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164))

🔻سورة الجمعة ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)))


 🔻وعلى لسان ابراهيم :سورة البقرة ((رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)))


⚪️ وهذا يعود إلى ترتيب الأولويات والأهمية في الخطابين، فعندما دعا ابراهيم  ربه أن يرسل رسولاً أخّر جانب تزكية الأخلاق إلى آخر مرحلة بعد تلاوة الآيات وتعليمهم الكتاب والحكمة.


⚪️أما في آية سورة الجمعة وسورة البقرة (151) وسورة آل عمران فالخطاب من الله تعالى بأنه بعث في الأميين رسولاً يتلو عليهم آياته ويزكيهم قبل مرحلة يعلمهم الكتاب والحكمة لأن الجانب الخُلُقي يأتي قبل الجانب التعليمي ولأن الإنسان إذا كان غير مزكّى في خلقه لن يتلقى الكتاب والحكمة على مُراد الله تعالى والرسول ﷺ  من أهم صفاته أنه على خلق عظيم كما شهد له رب العزة بذلك في قوله (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) القلم).

⚪️والتزكية هي ربع المهمّة المحمدية (تلاوة الآيات، تعليم الكتاب، تعليم الحكمة، التزكية).

▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️

✨إضاءات ✨
1. تذكر أن طلب النصر من غير الله خذلان، والمنصور من نصره الله، والمخذول من خذله الله عز وجل،(إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).


2. الرحمة، والتواضع، ولين الجانب، والعفو من أهم صفات الداعية، (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).

الدرس السابع عشر ( 149-158)

الدرس السابع عشر (149-158)
﷽ 
الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه .. وبعد

⚡️نصاب اليوم : 149-⚡️158


🔴المقطع السابع : دروس مستفادة من الهزيمة ( ١٤٩: ١٨٩) 

🔹الدرس الأول : التحذير من طاعة الأعداء ،ومن التنازع والتخذيل ( ١٤٩: ١٥٨) 

🔹الدرس الثاني : أهمية الشورى ،ووجوب طاعة رسول الرحمة ( ١٥٩: ١٦٤) 

🔹الدرس الثالث : أسباب الهزيمة ،وفوائدها ،والفرق بين الخبيث والطيب ( ١٦٥: ١٧٩) 

🔹الدرس الرابع : تحذير المنافقين والبخلاء ،وأن المال من أسباب النصر ( ١٨٠: ١٨٩)

نبدأ اليوم ان شاء الله بالدرس الأول :
⚡️الدرس الأول : التحذير من طاعة الأعداء ،ومن التنازع والتخذيل (١٤٩: ١٥٨) 


♦️(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) [سورة آل عمران : 149]

⭕️بدأت الآيات بتحذير المسلمين من طاعة الكافرين : 
 إن تطيعوا الذين كفروا من اليهود والنصارى والمشركين، فيما يأمرونكم به من الضلال، يُرْجِعُوكم بعد إيمانكم إلى ما كنتم عليه كفارًا، فترجعوا خاسرين في الدنيا والآخرة.


♦️(بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) [سورة آل عمران : 150]

⭕️ثم أمرت الآيات بطاعة الله تعالى وموالاته ، فهؤلاء الكافرون لن ينصروكم إذا أطعتموهم، بل الله هو ناصركم على أعدائكم، فأطيعوه، وهو سبحانه خير الناصرين، فلا تحتاجون لأحد بعده.

♦️(سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ۖ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۚ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) [سورة آل عمران : 151]

⭕️ثم بشرهم الله تعالى بالحفظ والنصر بقوله ( سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب ) والخوف  الشديد ، حتى لا يستطيعوا الثبات لقتالكم .
⭕️ النصر بالرعب مما اختص الله تعالى به نبيه صل الله عليه وسلم ،( نُصرت بالرعب مسيرة شهر ) أخرجه البخاري 

⭕️وإلقاء الرعب فيهم كان بسبب إشراكهم ( بالله ما لم ينزل به سلطانا ) وهي عبادتهم للأصنام ،ومرجعهم ومأواهم النار ،وبئس مقام الظالمين 

♦️(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ ۚ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [سورة آل عمران : 152]

⭕️ولقد صدقكم الله يا أصحاب محمد صل الله عليه وسلم وعده الذي وعدكم إياه يوم أحد ،أي النصر، فنصركم عليهم،حتى إذا ضعفتم عن الثبات على ما أمركم به الرسول،⚡️ { وتنازعتم في الأمر } الذي فيه ترك أمر الله بالائتلاف وعدم الاختلاف، فاختلفتم، فمن قال نقيم في مركزنا الذي جعلنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قال: ما مقامنا فيه وقد انهزم العدو، فعصيتم الرسول، وتركتم أمره من بعد ما أراكم الله ما تحبون وهو انخذال أعدائكم؛. فالواجب امتثال أمر الله ورسوله. 

⭕️{ منكم من يريد الدنيا } وهم الذين جعلهم يفعلون ذلك ،والمقصود الرماة الذين تركوا أماكنهم من أجل الغنيمة 

⭕️{ ومنكم من يريد الآخرة } وهم الذين لزموا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبتوا حيث أمروا.

⭕️{ ثم صرفكم عنهم } أي: بعدما وجدت هذه الأمور منكم، صرف الله وجوهكم عنهم، فصار الوجه لعدوكم، ابتلاء من الله لكم ليختبركم، وليتبين المؤمن من الكافر، والطائع من العاصي، وليكفر الله عنكم بهذه المصيبة ما صدر منكم، فلهذا قال: { ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين } أي: ذو فضل عظيم عليهم، حيث: 

⚡️ منَّ عليهم بالإسلام
⚡️وهداهم لشرائعه
⚡️وعفا عنهم سيئاتهم
وأثابهم على مصيباتهم. 

⭕️ومن فضله على المؤمنين: 

 ⚡️أنه لا يقدر عليهم خيرا ولا مصيبة، إلا كان خيرا لهم. إن أصابتهم سراء فشكروا جازاهم جزاء الشاكرين، وإن أصابتهم ضراء فصبروا، جازاهم جزاء الصابرين.


♦️(إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [سورة آل عمران : 153]

⭕️وتواصل الآيات الإمتنان على المسلمين بالعفو رغم عظم الذنب ،والمعنى ولقد عفا الله تعالى عنكم آيها المؤمنون إذ لم يستأصلكم بسبب ذنوبكم وهربكم 

⭕️الإصعاد : هو السير والذهاب في الأرض ،والمراد هربهم في الوادي 

⭕️ولا تلوون : لا تعطفون ولا تنتظرون لأحد

⭕️والرسول يناديكم من خلفكم قائلا( إليّ عباد الله ارجعوا ) 

⭕️وقوله أخراكم تنبيه إلى ثبات رسول الله صل الله عليه وسلم حيث كان في آخر الجيش ،وأقرب شئ إلى العدو 

( فأثابكم ) وجازاكم ( غما ) وهو ما قيل أن رسول الله صل الله عليه وسلم قد قُتل ( بغم) وهو ما نالهم من القتل والجراح وما فاتهم من النصر والغنيمة،حتى ينسيهم الغم الجديد وهو مقتل نبيهم صل الله عليه وسلم ،الغم الأول ،
ثم بعد أن يتبين كذب الغم الجديد وعدم صدق الشائعة يفرحوا بذلك ،ولهذا قال بعده ( لكيلا تحزنوا على ما فاتكم  ) من نصر وغنيمة ،( ولا ما أصابكم ) من قتل وقرح

♦️(ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِنْكُمْ ۖ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ۖ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ ۗ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ۗ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ ۖ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا ۗ قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ۖ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [سورة آل عمران : 154]

⭕️ثم أنزل عليكم بعد الألم والضيق طمأنينة وثقة جاءت على شكل نعاس يؤدي إلى الراحة والإسترخاء ، ، يغشى طائفة منكم ـ وهم الواثقون بوعد الله ـ .

⭕️ وطائفة أخرى لم ينلهم أمن ولا نعاس، وهم المنافقون الذين لا هَمَّ لهم إلا سلامة أنفسهم، فهم في قلق وخوف، يظنون بالله ظن السوء، من أن الله لا ينصر رسوله ولا يؤيد عباده، كظن أهل الجاهلية الذين لم يَقْدروا الله حق قدره، 

⭕️يقول هؤلاء المنافقون لجهلهم بالله: ليس لنا من رأيٍ في أمر الخروج إلى القتال، ولو كان لنا ما خرجنا، قل ـ أيها النبي ـ مجيبًا هؤلاء: إن الأمر كله لله، فهو الذي يُقدِّر ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهو من قدَّر خروجكم. 

⭕️وهؤلاء المنافقون يخفون في أنفسهم من الشك وظن السوء ما لا يظهرون لك، حيث يقولون: لو كان لنا في الخروج رأي ما قُتِلنا في هذا المكان، قل ـ أيها النبي ـ ردًا عليهم: لو كنتم في بيوتكم بعيدين عن مواطن القتل والموت؛ لخرج من كَتبَ الله عليه القتل منكم إلى حيث يكون قَتْلهم . 

⭕️وما كتب الله ذلك إلا{ وليبتلي الله ما في صدوركم } أي: يختبر ما فيها من نفاق وإيمان وضعف إيمان، { وليمحص ما في قلوبكم } من وساوس الشيطان، وما تأثر عنها من الصفات غير الحميدة. { والله عليم بذات الصدور } أي: بما فيها وما أكنته، فاقتضى علمه وحكمته أن قدر من الأسباب، ما به تظهر مخبآت الصدور وسرائر الأمور.

♦️(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ۖ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) [سورة آل عمران : 155]

⭕️إن الذين تولوا عن القتال منكم يوم أحد والتفاف العدو عليكم ،إنما دعاهم الشيطان إلى الخطيئة والزلل بسبب   ذنوبهم ،عفا الله عنهم وغفر لهم ،فهو تعالى يغفر للمؤمنين ،ولا يعاجل العقوبة للعاصين 

♦️(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [سورة آل عمران : 156]

⭕️ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يشابهوا الكافرين،  ينهاهم عن مشابهتهم في كل شيء، وفي هذا الأمر الخاص وهو أنهم يقولون لإخوانهم في الدين أو في النسب: { إذا ضربوا في الأرض } أي: سافروا للتجارة { أو كانوا غزى } أي: غزاة، ثم جرى عليهم قتل أو موت، يعارضون القدر ويقولون: { لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا } وهذا كذب منهم، فقد قال تعالى:⚡⚡⚡ { قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم } ولكن هذا التكذيب لم يفدهم، إلا أن الله يجعل هذا القول، وهذه العقيدة حسرة في قلوبهم، فتزداد مصيبتهم

⭕️وأما المؤمنون بالله فإنهم يعلمون أن ذلك بقدر الله، فيؤمنون ويسلمون، فيهدي الله قلوبهم ويثبتها،  قال الله ردا عليهم: { والله يحيي ويميت } أي: هو المنفرد بذلك، فلا يغني حذر عن قدر. { والله بما تعملون بصير } فيجازيكم بأعمالكم وتكذيبكم.

♦️(وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [سورة آل عمران : 157]

⭕️ثم أخبر تعالى أن القتل في سبيله أو الموت فيه، ليس فيه نقص ولا محذور، وإنما هو مما ينبغي أن يتنافس فيه المتنافسون، لأنه سبب مفض وموصل إلى مغفرة الله ورحمته، وذلك خير مما يجمع أهل الدنيا من دنياهم، وأن الخلق أيضا إذا ماتوا أو قتلوا بأي حالة كانت، فإنما مرجعهم إلى الله، ومآلهم إليه، فيجازي كلا بعمله، فأين الفرار إلا إلى الله.

♦️(وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ) [سورة آل عمران : 158]

⭕️المقصود : استعدوا لما بعد الموت أو القتل ،واعملوا ما يستجلب رضا الله تعالى ورحمته
▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️

⚡️  لمسات بيانية ⚡️

↙️آية 151
ما دلالة الإلقاء فى قوله تعالى (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ (151) آل عمران)؟(ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️حقيقة الإلقاء هو رمي الشيء على الأرض كقوله تعالى (فألقوا حبالهم وعصيّهم). فهو هنا إذن مجاز على طريقة الإستعارة فالإلقاء مؤذِن بتمكّن الرعب من قلوبهم.
ش
↙️آية151
في سورة  آل عمران (ومأواكم النار وبئس مثوى الظالمين) ما هو المثوى؟ولماذا لم ترد كلمة مثوى في حال أهل الجنة أبداً؟ (د.حسام النعيمى)


⚪️المثوى في اللغة المنزل أو المكان الذي يثوي فيه الإنسان. والثواء هو الإنحسار في مكان ويكون عادة الإنسان فيه قليل الحركة مثل المسكن، المنزل، الحجرة التي يبيت فيها،الثواء هو التوى يعني الإستقرار في مكان واحد وإن كان فيه حركة فهو حركة ضيّقة. ⚪️والمأوى استعمل في النار وفي الجنة فالجنة تضم صاحبها والنار تضم صاحبها لكن شتان بين الضمتين، بين إحتضان الجنة للإنسان وإحتضان النار للإنسان. فكلمة الثوى والثواء استعملت في حال الدنيا لأنه منزل يثوي إليه أو يأوي إليه لذلك نجدها في أكثر من سورة في حال الدنيا. 
⚪️في الآخرة إستعمل اللفظة للنار لماذا؟ لأن الجنة ليست منطقة ضيقة محصورة إنا نتبوأ من الجنة حيث نشاء، فيها السعة والإنطلاق. لاحظ مثلاً: (أكرمي مثواه) أي نُزُله في الدنيا.

↙️آية 152
وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ (152) آل عمران)
⚪️انظر إلى دقة النظم القرآني بترتيب الأفعال الدالّة على الحدث: الفشل، التنازع والعصيان. فقد رتبها على حسب ترتيبها في الحصول وهو ضجر بعض الرُماة من ملازمة مواقعهم ثم التنازع في ملازمة الموقف وفي اللحاق بالجيش في الغنيمة. ونشأ عن التنازع تصميم معظمهم على مفارقة الموقع وفيه عصيان لأمر النبي ﷺ  بالملازمة.


↙️آية 152
*(وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ (152) آل عمران) لقد كان عصيان الصحابة في معركة أُحُد مخالفة لأمر النبي وسميت هذه المخالفة عصياناً مع أن تلك المخالفة كانت عن اجتهاد لا عن استخفاف والعصيان من الاستخفاف فلِمَ عبّر الله تعالى عن مخالفتهم بالعصيان ولم يقل وخالفتم؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️سُميت عصياناً لأن المقام ليس مقام اجتهاد فإن شأن الحرب الطاعة المطلقة للقائد من دون تأويل لذلك جاءت بصيغة العصيان زيادة عليهم في التقريع.

↙️آية 154
ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ (154) آل عمران)

 ⚪️الأمنة من الأمن والنعاس أول النوم وكان مقتضى الظاهر أن يقدّم النعاس ويؤخر الأمنة 
⚪️لأن (أمنة) بمنزلة النتيجة والغاية للنعاس تماماً كما جاء في آية الأنفال (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه) 
⚪️ولكنه قدّم الأمنة هنا تشريفاً لشأنها حيث جُعِلت كالمنزَّل من الله تعالى لنصرهم ولأن الأمن فيه سكينة واطمئنان للنفس أكثر من النعاس. فالنعاس يُخشى منه أن يكون نوماً ثقيلاً وعندها يؤخَذون على حين غرّة.


↙️154
*لِمَ قال عن الطائفة الأولة (منكم) ولم يقيّد الثانية بهذا الوصف فقال تعالى (يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم) ولم يقل طائفة منكم وطائفة منكم قد أهمتهم أنفسهم؟(ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️انظر إلى ما يفيده الوصف (منكم) في كِلا الطائفتين: فعبّر عن الأولى التي يغشاها النعاس بقوله (طائفة منكم) أما الثانية فهي فئة منافقة لذلك ترك الله تعالى وصفها بـ (منكم) لأنه ليست من المؤمنين الذين أمّنهم الله تعالى بالنعاس.


↙️آية 155
*(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ (155) آل عمران) إستزلال الشيطان إياهم هو الهزيمة واستزلهم بمعنى أزلّهم فما فائدة السين والتاء؟(ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️إعلم أن زلة الهزيمة هي من أعظم الزلاّت لذلك جاءت على صيغة إستزل لتأكيد وتفظيع هذا الفعل.
⚪️لما نأتي إلى آيتي سورة آل عمران يلفت نظرنا فيها شيء وهي قول الله سبحانه وتعالى (وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ (158)) 
- نلاحظ في الأولى قدّم القتل وفي الثانية قدّم الموت. قد يقول قائل أن هذا لغرض التلوين والتنويع في الأسلوب وهذا طبيعي حتى لا يصير نفس الرتابة. 
⚪️لكن هناك شيء آخر وهو: لما تكلم عن سبيل الله يعني الشهادة قدّمها على الموت الإعتيادي لأن الشهادة مقدمة لأن للشهداء منزلة. لكن لما يتكلم عن الموت والقتل الإعتيادي الإنسان يموت موتاً اعتيادياً، قد يُقتَل خطأ، قد يُقتل بثأر، قد يقتل في الجهاد، قد تقتله أفعى، فقدّم الشيء الطبيعي، قدّم الأكثر الذي هو الموت، هذه لفتة بيانية أردنا أن نبينها.

▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️
⚡️إضاءات ⚡️
1. الشرك بالله هو سبب للعيش الضنك، والخوف،(سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا).

2. لا تأمن على نفسك الفتنة، ووقوع المعصية، فقد قال الله- تعالى- عن الصحابة،( مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ).

3. بين الله- تعالى- أنه عفا عن الصحابة، فليمت بالغيظ شانئهم، فإن الله قد أحبهم، ورضي عنهم،(وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ).

4. إكرام الله- تعالى- لأوليائه بالأمان الذي أنزله في قلوبهم،(ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً).

5. الذنب يولد الذنب، والسيئة تتولد عنها سيئة أخرى، فلذا وجبت التوبة من الذنب فوراً،(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا).

6. الذنوب في أوقات السراء سببٌ لمزلة القدم وقت الضراء،(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا).  

▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️
💫الرابط الصوتي 💫


قراءة لتفسير سورة ال عمران من تفسير السعدي 
بصوت الشيخ محمد بن علي العرفج من الآية 149-152



قراءة لتفسير سورة ال عمران من تفسير السعدي 
بصوت الشيخ محمد بن علي العرفج من الآية 153-155