الخميس، 30 يوليو 2015

الدرس الحادي عشر ( 100-109)

﷽ 
الحمدلله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه .. وبعد

نصاب اليوم : 100-109
انتهينا بفضل الله تعالى من المقطع الأول والثاني والثالث والرابع من سورة آل عمران ،نبدأ بإذن الله  المقطع الخامس 


💢المقطع الخامس : بيان خيرية هذه الأمة ،وتحذيرها من الوقوع في أخطاء الأمم السابقة ،وتحذيرها من أعداءها (١٠٠: ١٢٠) 

ينقسم المقطع إلى ثلاث مواضيع :

🔺الموضوع الأول : التحذير من الوقوع في أخطاء السابقين ( ١٠٠: ١٠٩) 

🔺الموضوع الثاني : خيرية هذه الأمة وفضلها على سائر الأمم ( ١١٠: ١١٥) 

🔺الموضوع الثالث : تحذير الأمة من المنافقين خصوصا ( ١١٦: ١٢٠)

 نبدأ اليوم بإذن الله بالموضوع الأول من المقطع الخامس ⤵️⤵️
💢الموضوع الأول : التحذير من الوقوع في أخطاء السابقين (١٠٠: ١٠٩) 

♦️(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) [سورة آل عمران : 100]

⭕️تبدأ الآيات بتحذير المؤمنين من الوقوع في أخطاء الأمم السابقة ،وجاء هذا التحذير بطرق مختلفة ،فبدأ بالنهي عن طاعة فريق من أهل الكتاب ،ويبدو أن هذا الفريق هو المذكور من قبل ،وهم الذين قالوا ( آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون )  

⭕️ولما كان الكفر غير متصور مع وجود الرسول صل الله عليه وسلم ومع وجود القرآن ،قال الله تعالى : 

♦️(وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [سورة آل عمران : 101]

⭕️اي أن الكفر بعيد منكم وحاشاكم منه ،فإن آيات الله تنزل على رسوله ليلا ونهارا ،وهو يتلوها عليكم 

⭕️ثم بيّن طريق الخلاص من الدسائس والمكائد ،وطريق الهداية الذي لا إعوجاج فيه فقال تعالى : ( ومن يعتصم بالله فقد هُدي إلى صراط مستقيم ) 

🔹ثم توجه من التحذير بالإشارة والذكر إلى التوجيه بالنهي والأمر فقال تعالى : 

♦️(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [سورة آل عمران : 102]

⭕️فأمر أولا بتقوى الله تعالى حق تقاته بالخوف منه ومراقبته وطاعته واجتناب معاصيه ،وإن لم تستطيعوا ( فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) أي داوموا على الإسلام وحافظوا عليه في حال الصحة والسلامة ،حتى يأتيكم الموت وأنتم مسلمون ،فمن عاش على شئ مات عليه ،ومن مات على شئ بُعث عليه 

♦️(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [سورة آل عمران : 103]

⭕️أي عهده وميثاقه،أو القرآن الكريم ،وأمرهم بالجماعة ونهاهم عن الفُرقة 

⭕️ثم ذكرهم بنعمة الله تعالى عليهم عندما ألف بين قلوبهم ،ووحد صفوفهم فأصبحوا إخوانا كما قال تعالى 
(وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [سورة اﻷنفال : 63]

⭕️ثم أنقذكم من الكفر والنار إلى جنات الأبرار 

🔹وهذا السياق في الأوس والخزرج ،وكانت بينهم عداوات وحروب ،فأنقذهم الله تعالى من النار بالإسلام

♦️(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [سورة آل عمران : 104]

⭕️وأمر الله تعالى أن تتصدى طائفة من المسلمين للدعوة إلى الخير ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وإن كان هذا الأمر واجبا على كل فرد  من الأمة بحسب استطاعت⚡⚡⚡ه ،كما أمر رسول الله صل الله عليه وسلم بقوله ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ،فإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم 

⭕️وأكد تعالى أنهم هم المفلحون دون غيرهم ،وكيف يفلح من لم ينكر بقلبه⚡⚡⚡ ،كما ثبت عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال : ( ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له في أمته حواريون وأصحاب يأخذون بأمره ويقتدون بسنته ،ثم إنها تخلف خلوف يقولون ما لا يفعلون ،ويفعلون ما لا يؤمرون ،فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ،ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ،ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ،وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ) رواه مسلم 

♦️(وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [سورة آل عمران : 105]

⭕️ نهى الله تعالى هذه الأمة عن مشابهه الأمم السابقة التي اختلفت وتفرقت وتركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع قيام الحجة عليهم بمجئ البينات والأدلة الواضحات ،والمراد بالبينات هنا الأمر والنهي لذلك جاءت مذكرا 

⭕️ومن أعرض عن الحق بعد البيان فقد عرض نفسه للتحذير الذي ختمت به الآية ( أولئك لهم عذاب عظيم ) 

♦️(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) [سورة آل عمران : 106]

⭕️يوم تبيض وجوه المؤمنين من الفرح والسعادة،  كما قال تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة) القيامة ،وأيضا ( وجوه يومئذ مسفرة ) عبس 

⭕️كما تسود وجوه الكافرين والمنافقين  من الحزن والكآبة كما قال تعالى ( وجوه يومئذ باسرة ) القيامة ،وأيضا ( وجوه يومئذ عليها غبرة ) عبس 

⭕️ويقال للكافرين والمنافقين ( أكفرتم بعد إيمانكم فذوقو العذاب بما كنتم تكفرون ) 


♦️(وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [سورة آل عمران : 107]

⭕️وأما المؤمنين الذين ابيضت وجوههم ففي الجنة مكان نزول رحمات الله 

♦️(تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۗ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ) [سورة آل عمران : 108]

⭕️هذه بيناته وحججه وبراهينه الواضحة نتلوها عليك يا رسول الله صل الله عليك وسلم بالحق المبين لأمور الدنيا والدين ،ولا يحتاج الله تعالى لظلم أحد من خلقه ،والدليل أن جميع ما في السموات والأرض ملك له وعبيد له ،وأنهم إليه راجعون ،ولهذا ختم المقطع بقوله : 

♦️(وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) [سورة آل عمران : 109]
▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️
✨لمسات بيانية ✨

↙️ آية (100)
لماذا قال  تعالى (أوتوا الكتاب) ولم يقل (آتيناهم الكتاب)؟(د.فاضل السامرائى)

⚪️القرآن الكريم يستعمل أوتوا الكتاب في مقام الذم
 ويستعمل آتيناهم الكتاب في مقام المدح.
⚡⚡قال تعالى (وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (101) البقرة) هذا ذم،
⚡⚡ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) آل عمران) هذا ذم 

⚪️. بينما آتيناهم الكتاب تأتي مع المدح ⚡⚡(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ (121) البقرة) مدح،
⚡⚡(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) القصص) مدح .

⚪️ هذا خط عام في القرآن على كثرة ما ورد من أوتوا الكتاب وآتيناهم الكتاب حيث قال أوتوا الكتاب فهي في مقام ذم وحيث قال آتيناهم الكتاب في مقام ثناء ومدح.

↙️آية 103
ما اللمسة البيانية في استعمال تفرقوا و تتفرقوا في القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)

⚪️قال تعالى في سورة  آل عمران(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103).

⚪️نلاحظ في القرآن كله وليس فقط في هذه الآية الحذف كما جاء في القرآن مثل (تنزّل وتتنزّل، تبدّل وتتبدّل- توفاهم وتتوفاهم) وهذا الحذف في عموم القرآن وحيث ورد مثل هذا التعبير في القرآن سواء في الفعل أو غيره يكون لأحد أمرين:
1.      للدلالة على أن الحدث أقلّ.
2.      أن يكون في مقام الإيجاز.

⚪️في آية (103) آل عمران فالكلام هنا عن أمة واحدة لكل المسلمين وقد نهاهم الله تعالى عن أي جزء من التفرّق ولو كان قليلاً فقال تفرقوا،

⚪️ أما في قوله تعالى ⚡⚡(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) الشورى)

فالكلام لكل البشر وذكر كل الأنبياء من زمن نوح إلى قيام الساعة فقال تتفرقوا.

▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️
✨إضاءات✨

1. إن المداومة على تلاوة القرآن، وتدبر آياته، وتأمل السنة النبوية من أعظم الأسباب المعينة على البقاء على الإسلام، وعدم التحول عنه، والوصول إلى الحق من بين الأهواء السائدة في المجتمعات اليوم، (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ).

2. الزم الثبات على دين الله تعالى، واحذر أن تموت وقد بدلت وغيرت دين الله تعالى، وأكثر من دعاء: (يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك)( وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).  

3. الاختلاف المذموم هو الاختلاف في أصول الدين دون الفروع، فعن عمر بن عبد العزيز قال: "ما سرني لو أن أصحاب محمد لم يختلفوا؛ لأنهم لولم يختلفوا لم تكن رخصة"(وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
▫️▪️▫️▪️▫️▪️▫️▪️

قراءة تفسير السعدي من سورة ال عمران   من آية (96) الى آية (105)

للشيخ محمد علي العرفج

http://ar.islamway.net/lesson/89192/%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%8A%D8%A9-96-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%8A%D8%A9-105

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق